اقتصاد المغربالأخبار

التجارة الإلكترونية تتجاوز 22 مليار درهم وتستقطب 3.7 مليون مشترك جديد

لم تعد التجارة الإلكترونية مجرد خيار ترفيهي للمستهلك المغربي، بل تحولت إلى ركيزة أساسية للتحول الاقتصادي، مدفوعة بنمو اقتصادي ثابت وثقة متزايدة في المنصات الرقمية.

وتشير البيانات الصادرة حديثاً إلى أن القطاع يعيش “طفرة حقيقية”، حيث تجاوز حجم السوق الإجمالي الـ 22 مليار درهم، في مؤشر على نضج رقمي غير مسبوق.

كشفت بيانات عام 2024، التي صدرت بالتعاون بين “الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات” (ANRT) ووزارة الانتقال الرقمي، عن تحول جذري في سلوك المستهلك.

فقد ارتفعت نسبة المغاربة الذين قاموا بالشراء عبر الإنترنت إلى 24.9% من السكان، مقارنة بـ 15.1% فقط في عام 2019.

هذا النمو يمثل إضافة ما يعادل 3.7 ملايين مشترٍ جديد، بزيادة مذهلة تبلغ 65%. ويعكس هذا الزخم التزايد في انتشار الهواتف الذكية وتحسن خدمات الإنترنت، مما جعل الوصول إلى السوق الرقمي أسهل من أي وقت مضى.

“نحن نشهد نضجاً في عادات الشراء. لم يعد الأمر مجرد تجربة عابرة، بل سلوك متكرر لدى أغلبية المستهلكين المغاربة.”

وتتوقع وزارة الصناعة والتجارة استمرار هذا التوسع، حيث من المرتقب أن يصل عدد مستخدمي التجارة الإلكترونية إلى نحو 10 ملايين مغربي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي قدره 10.5%، ليصل حجم السوق إلى نحو 2.6 مليار دولار (قرابة 24 مليار درهم).

لم يقتصر التطور على زيادة عدد المشترين، بل شمل أيضاً زيادة كبيرة في تكرار الشراء. فقد أظهرت بيانات 2024 أن أكثر من ثلاثة أرباع المشترين عبر الإنترنت (76.3%) يقومون بين 2 و5 عمليات شراء سنويًا، في ارتفاع قدره 48% عن عام 2019.

وفي المقابل، تقلصت نسبة “المشترين العرضيين” (عملية شراء واحدة) من 34% إلى 8.1%، بينما تضاعفت نسبة “المشترين الكبار” (أكثر من 10 عمليات شراء) لتصل إلى 7.2%.

يُعد الشباب الحضري القاطرة الرئيسية لهذا النمو، مستفيدين من الاستخدام المكثف للهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي التجارية (فيسبوك، إنستغرام، تيك توك) التي أصبحت منصات عرض وتسوّق بحد ذاتها.

تستحوذ منتجات الحياة اليومية والترفيه على الصدارة، مع اختلافات واضحة في تفضيلات الجنسين:

  • النساء: تتصدر الموضة قائمة المشتريات بنسبة 77%، تليها مستحضرات التجميل 42%.
  • الرجال: يركزون بشكل أساسي على الأغذية بنسبة 43%، وحجوزات السفر والسياحة 29%.

رغم التوسع، يظل الدفع عند التسليم هو الخيار الأكثر سيطرة، حيث يستخدمه 84.1% من المشترين، متفوقاً بفارق كبير على بطاقات الدفع (43.3%)، مما يشير إلى أن الحاجة إلى الأمان وبناء الثقة في العمليات الرقمية لا تزال قائمة.

لوجستياً، باتت عمليات التوصيل تتم إلى المنازل في حوالي 90% من الحالات، مقارنة بـ 76.7% في 2019، ما يعكس تحسناً في كفاءة خدمات التوصيل التي تعمل على تغطية التوسع الحضري المتزايد والوصول إلى المناطق شبه الريفية.

لمواكبة هذا النمو، تعمل وزارة الصناعة والتجارة على تحديث قانون حماية المستهلك رقم 31.08 لضمان تنظيم المنصات الرقمية وتوضيح مسؤولياتها، بهدف تعزيز الشفافية والثقة.

كما يتم إطلاق مبادرات تدريبية، مثل برنامج “Moroccan Retail Tech Builder” (MRTB)، لدعم التجار وتطوير مهاراتهم في التسويق الرقمي وتسهيل وصولهم إلى الخدمات المالية الرقمية.

ومع تغطية الإنترنت لنحو 90% من السكان، يؤكد التوسع في التجارة الإلكترونية أن القطاع أصبح جزءًا لا يتجزأ من سلوك المستهلكين، وركيزة اقتصادية تسعى الحكومة لترسيخها لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني في ظل الاقتصاد الرقمي العالمي.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى