أسواق الأسهم الأمريكية بين الصعود القياسي والتحذيرات من مبالغة التقييمات
تعيش الأسواق الأمريكية حالة من النشاط المكثف، حيث يواصل مؤشر “إس آند بي 500” تسجيل مستويات قياسية غير مسبوقة، مدعومًا بتوقعات خفض الفائدة ونمو أرباح الشركات.
ومع ذلك، أثارت تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي، “جيروم باول”، حول ارتفاع تقييمات الأسهم بشكل نسبي موجة من القلق بين المستثمرين، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا، إذ بدأ البعض يتساءل عما إذا كان هذا الصعود يعكس الواقع الاقتصادي أم يتجاوزه.
ويجد المحللون أصداءً لتصريحات “باول” في خطاب “آلان جرينسبان” عام 1996 حول “التفاؤل المفرط”، وهو المصطلح الذي أصبح لاحقًا رمزًا لفقاعة الإنترنت أو “دوت كوم”، حين ضخ المستثمرون أموالًا ضخمة في شركات الإنترنت الناشئة، حتى بلغت الأسعار ذروتها في 1999-2000 قبل الانهيار الكبير في مارس 2000.
وفي الآونة الأخيرة، ازدادت المخاوف من تكرار سيناريو مشابه، خاصة بعد تحذيرات من كبار قادة قطاع التكنولوجيا. إذ وصف “سام ألتمان”، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، سوق الذكاء الاصطناعي بأنه يشهد فقاعة استثمارية مماثلة لتلك التي حدثت مع الإنترنت.
وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن تقييمات السوق الأمريكية مرتفعة بشكل لافت. فمؤشر “شيلر”، الذي يقيس نسبة السعر إلى الأرباح المعدلة على مدى عشر سنوات، اقترب من مستوى 40 نقطة، للمرة الأولى منذ عام 2000، وهو ما يعتبر تاريخيًا علامة على المبالغة في التقييمات.
أما “مؤشر بافيت” – الذي يقيس نسبة القيمة السوقية للأسهم الأمريكية إلى الناتج المحلي الإجمالي – فقد بلغ مستوى قياسيًا عند 217%، مما يعكس فجوة كبيرة بين أسعار الأصول وحجم الاقتصاد الفعلي.
حتى مؤشر مضاعف المبيعات لشركات “إس آند بي 500” سجل مستوى قياسيًا عند 3.35، وهو مقياس يعكس العلاقة بين قيمة السوق وإجمالي إيرادات الشركات، ويعد مؤشرًا أكثر واقعية للشركات التي لم تحقق أرباحًا بعد.
رغم ذلك، يرى بعض محللي “بنك أوف أمريكا” أن التقييمات المرتفعة قد تكون مبررة في الظروف الحالية، إذ تتمتع الشركات الكبرى اليوم بديون أقل وكفاءة أعلى مقارنة بما كانت عليه قبل عقدين، ما يجعل قبول مضاعفات أعلى أمرًا منطقيًا.
في المحصلة، يبدو أن صعود الأسهم الأمريكية مدعوم جزئيًا بقوة أرباح الشركات، وتوقعات خفض الفائدة، والاهتمام المتزايد بتقنيات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل المخاطر المحتملة، بما في ذلك تباطؤ الاقتصاد أو سوق العمل، التي قد تحد من استمرار هذا الزخم في المستقبل.
