الأسهمالاقتصاديةالتكنولوجيا

أسهم التكنولوجيا ووهج الذكاء الاصطناعي…بين النمو اللافت والمخاطر الخفية

في عالم الاستثمار، غالبًا ما يجذب المستثمرين ما يتلألأ، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بأسهم الشركات الكبرى التي تحتل واجهة الأخبار المالية والإعلامية.

البريق هنا لا يقتصر على القيمة السوقية، بل يمتد إلى التوقعات المستقبلية والنفوذ الذي تتمتع به هذه الشركات في السوق، مما يجعل تجاهلها صعبًا حتى على أكثر المتداولين حذرًا.

من أبرز الأمثلة على ذلك، ما شهده السوق الأمريكي منذ بداية العام الماضي، حيث شكلت سبع شركات تعرف باسم “العظماء السبعة” (ميتا، أبل، أمازون، تسلا، ألفابت، إنفيديا، ومايكروسوفت) نحو 37% إلى 42% من القيمة السوقية لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، الذي بلغ 52.6 تريليون دولار نهاية غشت الماضي.

هذا التركيز يعكس بشكل واضح صعود الذكاء الاصطناعي كمحرك رئيسي للرهانات الاستثمارية، مع تفاوت كبير في مضاعفات الربحية؛ فـ”تسلا” مثلاً بلغت مضاعفات ربحيتها 193، بينما كانت “ألفابت” عند 23 فقط، نتيجة الشكوك حول سرعة اندماجها في عالم الذكاء الاصطناعي.

الاستثمار في هذه الشركات يبدو منطقيًا للوهلة الأولى، فهي تتصدر أكبر البورصات وتمثل القطاع الأكثر نموًا، والذي يتوقع الخبراء أن يخلق تحولًا إنتاجيًا مشابهًا للثورة الصناعية المرتبطة بالكهرباء والمحركات.

حجم هذه الشركات وتأثيرها الإعلامي يعززان من جاذبيتها للمستثمرين، ويولد تأثيرًا تفاعليًا يساهم في دعم نموها المستمر.

تعد “إنفيديا” نموذجًا واضحًا لشركة تلمع في السوق، لكنها تحمل مخاطر غير مرئية. فقد ارتفع سهم الشركة بنسبة أكثر من 61% بين غشت 2024 و غشت 2025، وسجل زيادة هائلة بنسبة 1280% خلال خمس سنوات، لتصبح أول شركة تتجاوز قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار.

حققت الشركة نموًا كبيرًا في الإيرادات، إذ بلغت 46.7 مليار دولار في الربع الثاني المنتهي في 27 يوليو 2025، بزيادة 56% عن العام السابق، مع مساهمة قطاع مراكز البيانات بمقدار 41.1 مليار دولار، وهو المرتبط مباشرة بالذكاء الاصطناعي.

و في السنة المالية 2024-2025، وصلت الإيرادات إلى 130.5 مليار دولار، ما يعكس الهيمنة الكبيرة لهذا القطاع على الأداء المالي للشركة.

رغم هذه النتائج اللافتة، يظل مضاعف الربحية عند حوالي 50، ما يعكس توقعات مستقبلية مرتفعة ويشير إلى تحيز المستثمرين نحو افتراض استمرار النمو نفسه لسنوات قادمة.

وهذه التوقعات لا تخلو من المخاطر، خاصة مع الضغوط الجيوسياسية مثل القيود الأمريكية على التصدير إلى الصين، والمنافسة من شركات تقدم بدائل بأسعار أقل. ويظهر التاريخ أن السهم حساس جدًا للتقلبات، كما حدث بين نوفمبر 2021 ونوفمبر 2022 حين هبط من 32 دولارًا إلى 12.5 دولارًا خلال عام واحد.

تنعكس أرقام إنفيديا في سلوكيات المستثمرين عبر انحياز القطيع وانحياز التوافر، حيث ينجذب المستثمرون إلى الأخبار الجذابة ويغفلون المخاطر المحتملة. وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في تضخيم هذا التأثير، كما ظهر في تغريدة إيلون ماسك في ماي 2020 عن سهم تسلا، التي أدت إلى انخفاض قيمته السوقية بمقدار 15 مليار دولار في يوم واحد، قبل أن يستعيد السهم نموه لاحقًا.

هذا التفاعل بين الأخبار والسلوك الاستثماري يجعل الأسواق الحديثة خليطًا من التحليل المالي والسلوك البشري، حيث يمكن أن يُخفي البريق الحقيقي للشركة المخاطر المحتملة، مما يجعل المقولة الشهيرة: “ليس كل ما يلمع ذهبًا”، أكثر واقعية من أي وقت مضى.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى