الاقتصادية

أزمة تسعير تضرب سوق النحاس العالمي مع انهيار رسوم المعالجة وارتباك سلاسل الإمداد

يشهد سوق النحاس العالمي اضطرابات حادة تهدد استقراره، بعد أن تراجعت رسوم المعالجة والتنقية (TC/RCs) إلى أدنى مستوياتها في عام 2025، وهو ما دفع كبرى شركات التعدين إلى التخلي عن نظام التسعير التقليدي الذي اعتمدته الصناعة لعقود طويلة.

لطالما شكّل هذا النظام المعياري أساسًا لتسعير خامات النحاس شبه المعالجة، المعروفة باسم “المركزات”، حيث تتقاضى المصاهر رسومًا لقاء تحويلها إلى معدن نقي، وتمثل تلك الرسوم نحو ثلث إيرادات المصاهر، ما يجعلها عنصرًا محوريًا في استدامة أنشطتها التشغيلية.

إلا أن الاضطرابات التي ضربت سلاسل الإمداد العالمية، إلى جانب توسع الطاقة الإنتاجية للمصاهر وارتفاع الطلب من المستثمرين والمضاربين، تسببت في انهيار منظومة التسعير التقليدية، مما أدخل سوق النحاس في مرحلة غير مسبوقة من الفوضى والتقلب.

وفي خطوة تعكس عمق الأزمة، أعلنت شركة التعدين العملاقة فريبورت ماكموران (Freeport McMoran) نيتها فصل عقودها عن المؤشر القياسي العالمي المستخدم لتحديد الرسوم، في سابقة تعد إشارة إلى فقدان الثقة في النظام الحالي.

ويؤكد محللون أن استمرار انخفاض رسوم المعالجة إلى مستويات قريبة من الصفر أو حتى سلبية يهدد الربحية والقدرة التشغيلية للمصاهر حول العالم، ويكشف عن خلل هيكلي عميق في سوق أحد أهم المعادن الاستراتيجية في الاقتصاد العالمي.

ففي الوقت الذي تتزايد فيه الحاجة إلى النحاس لتغذية التحول نحو الطاقة النظيفة، وشبكات الكهرباء الذكية، والمركبات الكهربائية، لا تزال إمدادات الخام محدودة، مما يثير مخاوف من اتساع الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات القادمة.

ومع تفكك النظام التسعيري واشتداد المنافسة على الموارد، يبدو أن سوق النحاس يتجه نحو مرحلة جديدة من التقلبات الحادة، قد تعيد رسم خريطة صناعة التعدين العالمية وتفرض أساليب تسعير أكثر مرونة وشفافية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى