نماذج جوجل وأوبن إيه آي تحقق إنجازاً بارزاً في الأولمبياد الدولي للرياضيات

شهد مجال الذكاء الاصطناعي مؤخرًا نقلة نوعية جعلته يدخل عوالم جديدة تتطلب دقة عالية وذكاء متقدماً، حيث تمكنت نماذج حديثة من شركتي “جوجل” و”أوبن إيه آي” من تحقيق إنجازات بارزة في الأولمبياد الدولي للرياضيات (IMO) الذي أقيم مؤخرًا في أستراليا.
هذا الإنجاز لفت الأنظار إلى قدرة هذه الأنظمة على معالجة مسائل رياضية معقدة جداً، ما أثار نقاشات واسعة حول احتمالية تفوق الآلات على القدرات الذهنية البشرية في مجال رياضي يتطلب التفكير التحليلي العميق.
يُعد الأولمبياد الدولي للرياضيات أقدم وأعرق مسابقة رياضية عالمية، انطلقت منذ عام 1959، وتشارك فيها نخبة الطلاب الموهوبين من مختلف البلدان، حيث يتنافسون في حل ست مسائل رياضية عالية التعقيد. تُمنح الميداليات الذهبية لأفضل نصف المتسابقين أداءً.
وسبق لنماذج الذكاء الاصطناعي التابعة لـ “جوجل ديب مايند” أن أثبتت جدارتها العام الماضي بحل أربع مسائل، مما أكد اقتراب الذكاء الاصطناعي من مستويات التفكير الرياضي البشري المتقدم.
في نسخة هذا العام، شارك أكثر من 600 طالب من مختلف أنحاء العالم، وحصل 67 منهم على الميدالية الذهبية، أي ما يعادل حوالي 11% من إجمالي المتسابقين.
وفي جانب موازٍ، قدم نموذج “جيميني ديب ثينك” المتطور من “جوجل” أداءً مميزًا، حيث تمكن من حل خمس مسائل من أصل ست بشكل مثالي، ما أهله للحصول على الميدالية الذهبية، وفتح المجال أمام توقعات بتحقيق إنجازات أعلى في المستقبل، قد تتفوق على أفضل العقول البشرية.
وأشاد “جريجور دولينار”، رئيس لجنة الأولمبياد الدولي للرياضيات، بالأداء الرائع لنموذج “جوجل ديب مايند”، مشيراً إلى أنه حقق 35 نقطة من أصل 42، وهي الدرجة المطلوبة للحصول على الميدالية الذهبية، معتبراً الحلول التي قدمها النموذج “مذهلة” من حيث الدقة والعمق.
ورغم هذا التقدم الملفت، لم يتجاوز أداء هذه النماذج 26 طالبًا من المشاركين، ما يوضح أن الذكاء الاصطناعي لم يصل بعد إلى مرحلة الكمال في فهم وحل المشكلات الرياضية المعقدة.
ويُعزى ذلك إلى طبيعة التدريب المكثف الذي تعتمد عليه النماذج، والذي يحد من قدرتها على التعامل مع مسائل جديدة وغير مألوفة، بينما تميزت أسئلة الأولمبياد هذا العام بكونها مبتكرة وغير متكررة، مما يصعب على الآلات معالجتها بنفس الكفاءة التي يتعامل بها الإنسان.
في المحصلة، يشكل هذا الإنجاز علامة فارقة في مسيرة تطور الذكاء الاصطناعي، حيث تحول من أداة مساعدة إلى منافس حقيقي في ميدان التفكير الرياضي.
ويبقى السؤال المطروح: هل سيصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا رئيسيًا في تعليم الأجيال القادمة، أداة تسهل فهم الرياضيات وتعميقها؟ ويبدو أن المستقبل يحمل إجابات واعدة، وفق ما صرح به “ثانغ لونغ”، قائد فريق “جوجل ديب مايند”، الذي يرى أن التطور في هذا المجال سيستمر بوتيرة متسارعة.