من 600 إلى 700 طبيب يهاجرون سنوياً.. هل يعجز المغرب عن وقف ‘النزيف الأبيض’؟

تشهد منظومة الصحة في المغرب تدهورًا متزايدًا بسبب تصاعد ظاهرة هجرة الأطباء إلى الخارج، الأمر الذي بات يشكل تهديدًا حقيقيًا لقدرة النظام الصحي على الاستجابة للاحتياجات المتنامية للمواطنين.
وعلى الرغم من الإجراءات الحكومية الرامية لتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور، لا تزال الأعداد الكبيرة من الأطباء تختار مغادرة البلاد بحثًا عن فرص أفضل.
وخلال جلسة في البرلمان، أقر رئيس الحكومة عزيز أخنوش بوجود أسباب دفعت العديد من الأطباء إلى ترك المستشفيات العمومية، معتبراً أن الحكومة بادرت إلى رفع أجور الأطباء بشكل ملموس خلال السنوات الماضية،
كما عقدت سلسلة من اللقاءات مع النقابات لتلبية مطالب العاملين في القطاع. وشملت هذه المكاسب زيادة الرواتب الشهرية بمبلغ 3800 درهم، وتسريع ترقية الممرضين، ورفع تعويضات الأخطار المهنية إلى 1400 درهم شهريًا.
ورغم هذه الإجراءات، لا تزال أعداد الأطباء المغادرين تتزايد، حيث تشير بيانات المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن بين 10 آلاف و14 ألف طبيب مغربي يمارسون مهنتهم خارج البلاد، في مقابل 23 ألف طبيب يعملون داخل المغرب.
ويصف أطباء ونقابيون هذه الظاهرة بـ”الهجرة البيضاء”، حيث يضطر الأطباء إلى الهجرة بحثًا عن ظروف عمل ومعيشة أفضل، مع وجود طلب متزايد من دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا التي تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية.
وأكد علي لطفي، رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل، أن هذه الظاهرة ليست محلية فقط بل جزء من تحد عالمي للدول النامية، داعيًا إلى اعتماد حوافز فعالة وآليات جديدة للحفاظ على الأطباء داخل المغرب.
كما أوضحت بيانات “أساتذة الطب بالقطاع الحر” أن المغرب يعاني عجزًا كبيرًا في عدد الأطباء، إذ يبلغ معدل الأطباء 7.3 لكل 10 آلاف نسمة، مقارنة بمعيار منظمة الصحة العالمية الذي يبلغ 23 طبيبًا لكل 10 آلاف نسمة.
ويهاجر سنويًا ما بين 600 و700 طبيب، أي نحو 30% من خريجي كليات الطب الجدد.
وحذر نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، من خسارة البلاد لأعداد كبيرة من الأطباء سنويًا، مؤكدًا أن النقص الحالي في الأطباء يصل إلى أكثر من 30 ألف طبيب.
ويشير النقابيون إلى أن المناطق القروية تعاني بشدة من نقص في الأطباء، خاصة في التخصصات الحيوية مثل أمراض النساء والتوليد، مما يفاقم من المخاطر الصحية ويهدد حياة النساء الحوامل والأطفال الرضع.
وفي ظل هذه التحديات، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن الحكومة ملتزمة بإحداث تحول هيكلي في القطاع الصحي، معتبرًا أن تطوير الصحة يشكل دعامة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى زيادة ميزانية الصحة من 19.7 مليار درهم عام 2021 إلى 32.6 مليار درهم عام 2025، وهي زيادة تفوق 65%.
كما أكدت الحكومة خططها لرفع عدد خريجي كليات الطب من خلال إنشاء كليات جديدة، بهدف سد العجز المتزايد وضمان توفير عدد كافٍ من الأطباء في المستقبل القريب.