تغذية الأطفال بين البيت والمدرسة.. معركة يومية لأجل صحة أفضل

مع قرع أجراس العودة المدرسية، يتردد سؤال يؤرق بال الأسر المغربية: “ماذا أعد لطفلي لوجبة الغداء المدرسية؟”.
لا يقتصر هذا الهاجس على مجرد إعداد الطعام، بل يتجاوزه إلى ضمان وجبة متكاملة تمنح الطفل الطاقة اللازمة للتركيز والتحصيل العلمي، بعيدًا عن الوجبات السريعة والمصنعة التي قد تضر بصحته.
وفي ظل ضغوط الحياة العملية، يجد العديد من أولياء الأمور أنفسهم في صراع مع الوقت. فبينما يرى البعض في المطعمة المدرسية حلاً عمليًا يوفر لهم الراحة ويضمن لأبنائهم وجبات طازجة، يصر آخرون على تحضير الوجبات المنزلية، ويواجهون تحديًا كبيرًا في إقناع أطفالهم بتناول الأطعمة الصحية.
يؤكد خبراء التغذية على أن الغذاء ليس مجرد وقود للجسم، بل هو حجر الزاوية في بناء القدرات الذهنية والعقلية للأطفال.
الدكتورة إكرام تيكور، أخصائية التغذية، تشدد على أن التغذية تؤثر بشكل مباشر على قدرة الطفل على التركيز والاستيعاب، كما تساهم في تقوية المناعة والحد من التغيب عن الدراسة. وتضيف أن الغذاء المتوازن يجب أن يضم:
- البروتينات: ضرورية لنمو العضلات (البيض، اللحوم، البقوليات).
- النشويات المعقدة: مصدر طاقة ثابت (الخبز الكامل، الأرز).
- الخضروات والفواكه: غنية بالفيتامينات والألياف لدعم المناعة.
- الدهون الصحية: مهمة لنمو الدماغ (زيت الزيتون، المكسرات).
تلفت الدكتورة تيكور الانتباه إلى دور شرب الماء، وتصفه بأنه المشروب الأول الذي يجب أن يتناوله الطفل، محذرة من العصائر المصنعة والمشروبات الغازية. وتشير إلى أن الدراسات أثبتت أن نقص ترطيب الجسم بنسبة 1% فقط يمكن أن يؤثر سلباً على الأداء العقلي للطفل، ويسبب ضعفاً في الانتباه والذاكرة.
للتخفيف من الضغط اليومي، تقترح الأخصائية بدائل صحية لوجبة “اللمجة” (وجبة الفطور الصغيرة) بعيدًا عن الحلويات والمشروبات المصنعة، ومنها:
- سندويتش صغير من الخبز الكامل مع جبن أو بيض.
- فواكه طازجة أو حفنة من المكسرات.
- زبادي طبيعي غير محلى.
- كيك منزلي بمكونات صحية.
وتحث الأخصائية الأسر على إشراك الأطفال في إعداد وجباتهم، واعتماد عادات غذائية صحية لجعلهم قدوة.
تؤكد فاطمة، وهي أم موظفة، أن ضيق الوقت والإمكانيات المادية يمنعانها من إعداد وجبات صحية لأطفالها، ما يضطرها أحياناً للجوء إلى الأطعمة السريعة.
في المقابل، تستجيب بعض المؤسسات التعليمية لهذا التحدي. ففي إحدى المدارس الخاصة بالرباط، تقول المديرة خديجة إن المؤسسة تعاقدت مع شركة متخصصة لتوفير وجبات صحية ومتنوعة تتلاءم مع المطبخ المغربي، مع الحرص على معايير الجودة.
وتشير إلى أن المدرسة تحرص على التواصل المستمر مع الآباء عبر دفتر تواصل لمتابعة التغذية اليومية للطفل، رغم أن بعض الآباء لا يتعاونون بشكل كافٍ في هذا الجانب.
وفي نهاية المطاف، يبقى التنسيق بين الأسرة والمدرسة هو السبيل الوحيد لضمان تغذية سليمة للطفل، وبناء جسر من الثقة والتعاون لتحقيق نمو صحي وشخصية متوازنة.




