بايلسا نموذجًا للتحول التعليمي في نيجيريا…كيف قلبت ولاية برامج التعليم التقليدية رأسًا على عقب؟

تواجه نيجيريا واحدة من أعلى معدلات الأطفال غير الملتحقين بالمدارس على مستوى العالم، حيث يصل عددهم إلى نحو 20.2 مليون طفل، وفق تقديرات اليونسكو.
المشكلة ليست فقط في الوصول إلى المدارس، بل في جودة التعليم، إذ يقضي الأطفال سنوات في الصفوف دون اكتساب مهارات أساسية في القراءة والكتابة والحساب، ما يدفع الأسر إلى فقدان الثقة في النظام التعليمي وزيادة معدلات التسرب.
استجابت ولاية بايلسا لهذه الأزمة من خلال إطلاق برنامج “بايلسا برايم”، اختصارًا لـ”بايلسا لتعزيز الإصلاح وتحسين التعليم”، بهدف تحويل جميع المدارس الابتدائية الحكومية إلى مؤسسات تعليمية فعالة ورفع جودة التعليم في الولاية.
اعتمد البرنامج على تحديث كامل لمناهج التدريس وتطوير أساليب التعليم داخل الفصول، مما جعلها أكثر تشويقًا للطلاب وعزز العلاقة بين المعلمين والطلاب.
كما ركز على تنمية مهارات القراءة والكتابة والحساب من خلال توفير كتب مدرسية متخصصة وأدوات تعليمية تقنية.
أصبح استخدام التكنولوجيا حجر الزاوية في البرنامج، حيث يستخدم المعلمون أجهزة لوحية لتسجيل الحضور ومتابعة أداء الطلاب، فيما تُتيح البيانات للمسؤولين تتبع التزام المعلمين وتقييم جودة التعليم بشكل لحظي. وبهذا، أصبحت المدارس بمثابة مراكز تعليمية رقمية تضمن تنسيق الدروس وتوحيدها على مستوى الولاية.
يتيح البرنامج لمحافظ الولاية، دويي ديري، متابعة جميع المدارس إلكترونيًا، بما في ذلك حضور المعلمين، تنفيذ الدروس، وأداء الطلاب، مع إمكانية التواصل المباشر مع الطاقم التعليمي عند الحاجة.
هذا النهج الرقابي أثار في البداية مخاوف المعلمين، لكنه سرعان ما تحول إلى دعم لهم بتقليل الأعباء الإدارية اليومية.
خلال 19 أسبوعًا فقط، حقق برنامج “بايلسا برايم” نتائج ملموسة: انخفض عدد الأطفال غير القادرين على قراءة كلمة واحدة في الصف الأول الابتدائي بنسبة 20%، كما ارتفع عدد الطلاب المسجلين في المدارس الحكومية من 25 ألفًا إلى أكثر من 40 ألف طالب.
يرى المحافظ ديري أن التعليم يمثل الركيزة الأساسية للتقدم الاجتماعي والاقتصادي، وأن أي تقصير في إعطائه الأولوية يشكل تهديدًا للاستقرار الوطني.
تجربة بايلسا تؤكد أن مواجهة أزمة التسرب المدرسي لا تقتصر على إنشاء مدارس جديدة، بل تتطلب تحسين جودة التعليم الحالي، وتعزيز مصداقية النظام التعليمي، لضمان أن يحصل كل طفل على فرصة حقيقية للتعلم وبناء مستقبل أفضل.




