انتظار طويل ونقص في الأطباء…معاناة 52% من مرتادي المستشفيات الحكومية في المغرب

كشف استطلاع رأي حديث أجرته شبكة “أفروبارومتر” أن المغاربة يعيشون حالة من التناقض فيما يخص نظامهم الصحي. ففي الوقت الذي يبدو فيه الرضا عن التأمين الصحي مرتفعًا، تتصاعد مخاوف المواطنين من صعوبة الحصول على الرعاية الطبية في المستشفيات الحكومية، التي تعاني من مشاكل هيكلية واضحة.
تظهر الأرقام أن 86% من المغاربة الذين يتمتعون بتغطية صحية يعبرون عن رضاهم، حيث صرح 57% بأنهم “راضون إلى حد ما” و 29% بأنهم “راضون جدًا”. هذه النسبة المرتفعة تشير إلى نجاح جهود الدولة في توسيع قاعدة المستفيدين.
ومع ذلك، لا تزال هناك فجوات طبقية كبيرة. ففي حين تصل نسبة التغطية الصحية إلى 81% لدى الفئات الأكثر ثراءً، تنخفض بشكل ملحوظ إلى 60% لدى الفئات الأفقر.
ويُعد ارتفاع التكلفة هو السبب الرئيسي الذي يمنع الأفراد الأفقر من الانضمام إلى نظام التأمين، حيث يرى 33% من هذه الفئة أن التكلفة هي العائق الأكبر، في حين يواجه كبار السن صعوبات أكبر في فهم الإجراءات المعقدة للتسجيل.
على الرغم من هذا الرضا الظاهري عن التأمين، إلا أن القلق من الوصول للرعاية الصحية يظل هاجسًا كبيرًا لدى معظم المغاربة.
فقد صرح 73% منهم بأنهم قلقون من عدم قدرتهم على تلقي العلاج اللازم أو دفع تكاليفه في حال أصيب أحد أفراد أسرهم بمرض.
ويأتي هذا القلق من واقع المستشفيات الحكومية، التي كشفت عنها الأرقام بوضوح. فما يزيد عن نصف المغاربة (52%) الذين زاروا مستشفى حكوميًا خلال العام الماضي واجهوا صعوبات في الحصول على الخدمات.
وتتفاقم هذه المشاكل لتشمل فترات انتظار طويلة (أكثر من 95% من الحالات)، ونقص في الطاقم الطبي (85%)، وعدم توفر الأدوية أو المعدات (81%)، إضافة إلى سوء حالة المرافق (79%).
هذه المشاكل ليست مجرد أرقام، بل لها تأثير مباشر على حياة الأفراد. فقد أشار 54% من المستجوبين إلى أنهم أو أحد أفراد أسرهم فاتهم الحصول على دواء أو رعاية طبية ضرورية مرة واحدة على الأقل خلال العام الماضي.
وصرح 7% منهم أن ذلك يحدث “عدة مرات” أو “دائمًا”، مما يسلط الضوء على عمق الأزمة.
تؤكد هذه النتائج أن التحدي الأكبر الذي يواجه المنظومة الصحية في المغرب لا يقتصر على توسيع التغطية، بل يتجاوز ذلك إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة في المرافق العمومية، وتوفير الموارد البشرية والطبية اللازمة، بما يضمن أن التأمين الصحي لا يبقى مجرد وثيقة، بل يصبح أداة فعلية للوصول إلى رعاية صحية لائقة للجميع.