الاقتصادية

الفيدرالي الأمريكي بين التيسير النقدي وضغوط السياسة: الاقتصاد على مفترق طرق

انطلقت أمس الثلاثاء أعمال الاجتماع السادس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا العام، وسط توقعات متباينة بين تثبيت أسعار الفائدة أو استئناف سياسة التيسير النقدي، في وقت يشهد فيه سوق العمل بعض علامات الضعف، وتتصاعد الضغوط السياسية من البيت الأبيض.

حافظ الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير منذ بداية 2025، بعد أن خفّضها بمجموع 100 نقطة أساس في الاجتماعات الثلاثة الأخيرة من 2024.

ويأتي هذا القرار في ظل تضخم مرتفع لا يزال يتجاوز الهدف المحدد عند 2%، مع متابعة دقيقة لتداعيات الرسوم الجمركية وتأثيرها على الاقتصاد.

أظهرت بيانات الوظائف لشهر يوليو ضعفًا في نمو التوظيف، إذ سجل الاقتصاد الأمريكي إضافة وظائف أقل من التوقعات، مع مراجعة بيانات الأشهر الثلاثة السابقة بالخفض.

هذه الأرقام دفعت الرئيس “دونالد ترامب” إلى إقالة رئيسة مكتب إحصاءات العمل، فيما أثارت مخاوف بشأن قوة سوق العمل.

وفي أواخر أغسطس، ألمح رئيس الفيدرالي “جيروم باول” خلال ندوة “جاكسون هول” إلى أن الظروف الاقتصادية قد تستدعي خفض الفائدة، لتؤكد بيانات التوظيف التالية هذه المخاوف.

على الرغم من الضغوط، شهد مؤشر أسعار المنتجين انكماشًا في أغسطس، فيما تراوح التضخم السنوي ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، المقياس المفضل للفيدرالي، حول التوقعات، وهو ما أتاح نافذة أمل لاستمرار السياسة النقدية المرنة، رغم أن المستهدف لم يتحقق بعد.

عادت الضغوط السياسية لتتصاعد مع مطالبات “ترامب” بخفض الفائدة، مصحوبة بترشيحه كبير مستشاريه الاقتصاديين، “ستيفن ميران”، لشغل المقعد الشاغر في مجلس المحافظين.

وفي الوقت نفسه، تكثفت التوترات القضائية بعد اتهام عضوة الفيدرالي “ليزا كوك” بقضايا مالية، لتبقى تحت الحماية القضائية حتى البت النهائي.

يطرح اجتماع الفيدرالي الحالي سؤالًا جوهريًا: هل ستُحدد قرارات الفائدة بناءً على المؤشرات الاقتصادية الحقيقية أم تحت تأثير الضغوط السياسية؟ فخيار خفض الفائدة الآن سيعكس اعتماد المجلس على ضعف سوق العمل كعامل رئيسي، ما قد يثير المخاوف من ركود تضخمي محتمل.

يترك هذا الاجتماع الاقتصاد الأمريكي في موقف حرج؛ ففي حال قرر الفيدرالي خفض الفائدة، سيشير ذلك إلى استمرار القلق بشأن سوق العمل، بينما ستظل مخاطر التضخم المرتفع قائمة، ما يجعل الرهان على استقرار الاقتصاد الأمريكي أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى