العملات الرقمية

العملات المستقرة..بين الابتكار الرقمي والتهديد المصرفي التقليدي

في ظل التحول المتسارع نحو الاقتصاد الرقمي، برزت العملات المستقرة كأحد أبرز أدوات التمويل الرقمي، تجمع بين صلابة الدولار الأمريكي وسهولة التعامل عبر التكنولوجيا الرقمية، لتصبح لاعبًا رئيسيًا في التجارة الإلكترونية والأسواق المالية العالمية.

في يوليو الماضي، أقر الكونجرس الأمريكي قانون “جينيوس – GENIUS”، وهو أول إطار تشريعي شامل للعملات المستقرة. يشترط القانون أن تكون كل عملة مدعومة باحتياطيات نقدية أو أذون خزانة أمريكية، مع إلزام مصدري العملات بنشر تقارير شهرية مفصّلة عن حجم الإصدارات والأصول الداعمة، وخضوعها لتدقيق محاسبي مستقل.

كما يضمن القانون حق الاسترداد الفوري مقابل الدولار، ما يقلل من مخاطر فقدان الارتباط بالعملة الخضراء.

رغم الشفافية القانونية، يمنع القانون مصدري العملات من تقديم أي عوائد لحامليها، تفاديًا للخلط بينها وبين الحسابات المصرفية التقليدية. إلا أن منصات تداول الأصول الرقمية تستفيد من ثغرات لتقديم مكافآت مستمدة من عوائد استثماراتها في أذون الخزانة الأمريكية.

Banks Fear Stablecoins as Disruptors, Not as Doomsday Tools

على الجانب الأوروبي، شددت المفوضية الأوروبية اللوائح، وحظرت تقديم أي عوائد أو مكافآت، خشية أن تؤدي العملات المستقرة إلى تحويل ودائع العملاء من البنوك التقليدية إلى منصات رقمية أكثر جاذبية.

الوضع في الولايات المتحدة مختلف، حيث يمكن للمنصات الرقمية تقديم مكافآت على العملات المستقرة مستفيدة من ارتفاع العوائد على أذون الخزانة، مما يضع البنوك تحت ضغط مباشر.

ووفق تقرير وزارة الخزانة الأمريكية، قد تصل قيمة الودائع التي يمكن أن تتحول للعملات المستقرة إلى 6.6 تريليون دولار إذا وفرت هذه العملات عوائد تنافسية.

تتيح العملات المستقرة وسيلة أسرع وأرخص لإتمام المدفوعات، خصوصًا التحويلات الدولية التي قد تستغرق أيامًا في النظام المصرفي التقليدي.

رغم الضمانات القانونية، تبقى المنصات الرقمية التي تحتفظ بالعملات المستقرة نقطة ضعف رئيسية، إذ قد يؤدي اختراق أو إفلاس منصة إلى تجميد الأموال أو فقدانها بالكامل.

تجمع العملات المستقرة بين قوة الدولار، والمرونة الرقمية، وإمكانية تقديم عوائد، ما يجعلها تهدد النظام المصرفي التقليدي بسحب الودائع وإعادة تشكيل المنافسة. وفي الوقت نفسه، تظل المخاطر التقنية والأمنية للمنصات الرقمية التحدي الأكبر أمام ثقة المستثمرين والمستخدمين.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى