استراتيجية توسعية متهورة وغياب الشفافية يغرقان فورافريك في الديون

تواجه مجموعة “فورافريك”، التي تُعد من أبرز شركات المطاحن في المغرب، أزمة مالية خانقة تهدد وجودها بعد مرور عشر سنوات على استحواذ رجل الأعمال الفرنسي من أصول يهودية مغربية، ياريف إلْباز، عليها.
هذه الشركة، التي كانت لفترة طويلة رمزًا للتوسع في الأسواق الأفريقية، تعاني اليوم من تدهور سريع في وضعها المالي، مما أثار قلقًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية.
وفقًا لتقرير نشرته مجلة “جون أفريك”، لم يعد بإمكان “فورافريك” الحفاظ على وتيرة إنتاجها المعتادة، حيث تراجعت طاقتها الإنتاجية بشكل ملحوظ في أكثر من عشرة مطاحن صناعية تملكها وتديرها في مدن رئيسية مثل الدار البيضاء، مراكش، ووجدة.
نتيجة لذلك، انخفضت حصتها السوقية لصالح منافسين محليين أظهروا قدرة أكبر على التكيف مع التغيرات الاقتصادية. كما توقفت مشاريعها الطموحة للتوسع في دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي كانت تمثل جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها.
تعود أسباب هذه الأزمة، حسب التقرير، إلى استراتيجية توسعية غير مدروسة اعتمدت على إنفاق مفرط وزيادة كبيرة في الاقتراض البنكي، دون تقدير دقيق للمخاطر.
يرى البعض أن فشل ياريف إلْباز في إنقاذ الشركة يكمن في اعتماده على تمويلات ضخمة لتحديث قطاع المطاحن، وهي خطة تلقت ضربة قاصمة بسبب الارتفاع العالمي في أسعار الحبوب وتراجع الدعم الحكومي.
في محاولة لتجاوز الأزمة، قامت المجموعة في عام 2022 بطرح جزئي في بورصة الدار البيضاء، إلا أن هذه الخطوة لم تحقق الأهداف المرجوة.
فقد انخفض سعر السهم بأكثر من 35% في ستة أشهر فقط، مما عمّق من حالة عدم الثقة لدى المستثمرين. ولم تنجح وعود الإدارة بتحسين الشفافية في تهدئة المخاوف، وفقًا لما نقله موقع “La Tribune Afrique”.
في الوقت الراهن، تواجه “فورافريك” تأخيرات في سداد الضرائب وتزايدًا في ضغوط الدائنين، في ظل وضع مالي يوصف داخليًا بأنه “هش وخطير”.
هذا الوضع يثير قلقًا متزايدًا لدى الموظفين الذين يخشون من عمليات تسريح للعمال أو حتى إغلاق بعض الفروع.
وكانت المجموعة قد أعلنت في عام 2019 عن مشروع صناعي ضخم بالشراكة مع مستثمرين صينيين في منطقة النواصر، لكن هذا المشروع لم يخرج إلى حيز التنفيذ، مما أدى إلى توجيه انتقادات لإدارة إلْباز بسبب ضعف التواصل وغياب الشفافية.
الآن، تقف “فورافريك” أمام مفترق طرق حاسم: إما إجراء عملية إعادة هيكلة شاملة تعيد ثقة الشركاء وتحافظ على أصولها، أو مواصلة الانحدار الذي قد يقودها في النهاية إلى الإفلاس الكامل.