أسعار الذرة وفول الصويا في أدنى مستوياتها منذ 2006 وسط وفرة المعروض

تشهد الأسواق الزراعية الأميركية ضغوطًا متزايدة مع استمرار تراجع أسعار الذرة وفول الصويا، حيث سجلت العقود الآجلة للذرة أدنى مستوياتها التعاقدية مجددًا هذا الأسبوع، واقتربت أسعار فول الصويا من التراجع إلى نطاق الأرقام الأحادية، في ظل توقعات بمحاصيل وفيرة هذا الموسم في الولايات المتحدة.
ورغم أن عقود الذرة لشهر ديسمبر لا تزال أعلى قليلاً من مستويات العام الماضي، فإن عقود فول الصويا لشهر نوفمبر هبطت إلى أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات في مثل هذا التوقيت.
لكن عند احتساب التضخم، فإن متوسط الأسعار الحالية لكلا المحصولين هو الأدنى لشهر يوليو منذ عام 2006، ما يعكس عمق الأزمة التي تواجه المزارعين الأميركيين.
يتزامن هذا التراجع مع فقدان المصدّرين الأميركيين مكانتهم في الأسواق العالمية، حيث يتوسع الإنتاج البرازيلي بسرعة ليُهدد تفوق الولايات المتحدة في تجارة الحبوب والبذور الزيتية، ويضعف قدرتها التنافسية.
يعاني المزارعون الأميركيون من تضييق هوامش الربحية. فبينما هبطت أسعار الذرة بنسبة تتجاوز 30% منذ منتصف عام 2022، لم تنخفض تكلفة إنتاجها سوى بنسبة 3% فقط على المستوى الوطني، أو 11% عند تعديلها وفق التضخم.
وهذا يعني أن السعر الحالي البالغ 4 دولارات للبوشل لا يملك نفس القوة الشرائية التي كان عليها سابقًا.
بلغ متوسط سعر الذرة لعقود ديسمبر حتى الآن في يوليو نحو 4.21 دولارًا للبوشل، فيما بلغ متوسط سعر فول الصويا لعقود نوفمبر 10.20 دولارًا. وبعد تعديل هذه الأرقام وفق مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو، تكون الأسعار الحالية الأدنى منذ يوليو 2006 بالقيمة الحقيقية.
فعلى سبيل المثال، في يوليو 2006 كان سعر الذرة 4.19 دولارًا بالقيمة المعدلة (أو 2.65 دولارًا بالقيمة الاسمية)، بينما بلغ سعر فول الصويا حينها 9.74 دولارًا بالقيمة الحقيقية (و6.15 دولارًا اسميًا).
شهدت الأسعار تحسنًا طفيفًا هذا الأسبوع، لكن لا تزال دون مستويات فبراير، التي تُستخدم كمعيار لتحديد شروط التأمين الزراعي. وتراجعت أسعار الذرة بنسبة 10% منذ فبراير، وهو تراجع أقل مما حدث في العامين الماضيين.
أما فول الصويا فقد تراجع بنسبة 3% فقط، لكن هذه النسبة تُخفي واقعًا أكثر قسوة مقارنةً بانخفاضات سابقة شهدتها السنوات السبع الماضية.
تتوقع وزارة الزراعة الأميركية (USDA) ارتفاع مخزونات الذرة في موسم 2025-2026 بنسبة 24%، بعد انخفاض حاد في الموسم الجاري.
ومع ذلك، فإن حجم المخزون المتوقع البالغ 1.66 مليار بوشل يبقى أدنى مما سُجل في مواسم سابقة، مما يجعل التوقعات الحالية للأسعار غير مبررة تمامًا إلا إذا تحققت غلات إنتاج عالية بشكل استثنائي.
بالنسبة لفول الصويا، تشير التوقعات إلى تراجع المخزونات في موسم 2025-2026 بنسبة 11%، وهو أول انخفاض يُسجّل في يوليو منذ عام 2020.
وإذا جاءت أحوال الطقس في أغسطس غير ملائمة، فقد تمثل هذه التوقعات عنصر دعم محتمل للأسعار، خاصة أن الأسعار في يوليو 2019 و2020 كانت أعلى من 11 دولارًا للبوشل.
حركة السوق الحالية
-
الذرة: أنهت عقود ديسمبر جلسة التداول بتراجع نسبته 0.8% إلى 4.21 دولار للبوشل.
-
فول الصويا: صعدت عقود نوفمبر بنسبة 0.7% إلى 10.26 دولار للبوشل.
-
القمح: تراجعت عقود سبتمبر بنسبة 1.3% لتغلق عند 5.33 دولار للبوشل.
الأسعار الحالية تُعد تحديًا مزدوجًا للمزارعين الأميركيين: انخفاض في الإيرادات وارتفاع في التكاليف، وسط منافسة عالمية متزايدة وتراجع النفوذ في الأسواق الدولية.
وإذا استمرت هذه الاتجاهات، فقد يكون القطاع الزراعي الأميركي أمام مرحلة إعادة تقييم شاملة لدوره العالمي ونموذجه الاقتصادي.