المغرب يواجه تحديات بارزة في تحقيق طموحاته لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول 2030
تعتبر صناعة الهيدروجين الأخضر واحدة من الركائز الأساسية التي يسعى المغرب لتطويرها في السنوات المقبلة، مع هدف طموح يتمثل في تلبية أكثر من 4% من احتياجات العالم من هذا الوقود بحلول عام 2030.
ولكن، على الرغم من الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها المغرب في هذا المجال، يواجه تحديات عديدة قد تعرقل تحقيق هذا الهدف.
و تشمل هذه التحديات غموض الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر، ونقص نضوج التكنولوجيا اللازمة لتحقيق الإنتاج بتكاليف تنافسية، إلى جانب المدة الزمنية الطويلة لتحقيق العوائد الاستثمارية، وكذلك تحديات تتعلق بتوفير الأراضي اللازمة للمشاريع.
إنتاج الهيدروجين الأخضر يعتمد على فصل جزيئات الهيدروجين عن الأوكسجين في المياه باستخدام طاقة كهربائية مُولدة من مصادر متجددة.
وفي هذا الصدد، يتمتع المغرب بقدرات كبيرة على إنتاج الطاقة المتجددة، حيث تمتلك البلاد حاليًا 5440 ميغاواط من الطاقة المتجددة، ما يعادل 45% من القدرة الكهربائية المركبة، مع خطط لزيادة هذه النسبة إلى 52% بحلول 2030.
لكن على الرغم من هذه الإمكانيات الواعدة، لا تزال معظم مشاريع الهيدروجين الأخضر حول العالم، بما في ذلك في المغرب، في مراحلها التجريبية الأولية.
كما يقول الخبراء إن الجانب التكنولوجي يمثل أبرز العوائق، حيث لا تزال تقنيات إنتاج الهيدروجين الأخضر بحاجة إلى نضوج، كما أن تكاليف إنتاجه لا تزال مرتفعة للغاية مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى.
وفقًا لجواد الخراز، مدير شبكة خبراء المياه والطاقة والمناخ (WECEN)، يُقدر سعر إنتاج الهيدروجين الأخضر حاليًا بحوالي 5 دولارات للكيلوغرام، مما يجعله غير تنافسي من الناحية الاقتصادية.
على الرغم من التفاؤل بشأن إمكانيات المغرب في إنتاج الهيدروجين الأخضر، يبقى الطلب العالمي عليه غامضًا إلى حد كبير.
و تشير التوقعات إلى أن سوق الهيدروجين الأخضر ما زال في طور التشكل، ولا توجد رؤية واضحة للعملاء حول احتياجاتهم المستقبلية من هذا الوقود.
ويُتوقع أن يرتفع الطلب على الهيدروجين إلى 390 مليون طن سنويًا بحلول 2050، أي بزيادة تفوق أربعة أضعاف ما يُستخدم اليوم.
ورغم هذا التوسع المتوقع في الطلب، لا تزال الشركات والحكومات العالمية تتخوف من غياب الوضوح في هذا السوق الناشئ.
في هذا السياق، يراهن المغرب على مسارين متوازيين لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر: الأول يتعلق بمشاريع متوسطة الحجم يمكن إنجازها بسرعة، في حين يركز المسار الثاني على التخطيط للمشاريع الضخمة التي ستستغرق وقتًا أطول لتحقيقها بحلول 2027 و2028.
و من أبرز التحديات التي يواجهها المغرب في هذا المجال هو فترة استرداد الاستثمار الطويلة. مشاريع الهيدروجين الأخضر تتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، مثل مزارع الطاقة الشمسية والرياح ومحطات تحلية المياه، وقد تمتد فترة العائد على الاستثمار إلى 20 أو حتى 40 عامًا، وهو ما يشكل عائقًا أمام المستثمرين.
في المقابل، مشاريع الطاقة المتجددة الأخرى تحقق عوائد على الاستثمار في فترة أقل، ما يجعل الهيدروجين الأخضر استثمارًا طويل الأجل يتطلب رؤية واضحة وإستراتيجية.
علاوة على ذلك، يواجه المستثمرون تحديات إضافية تتعلق بتوفر الأراضي اللازمة للمشاريع. إذ تحتاج بعض الشركات الكبرى مثل “سي دابليو بي غلوبال” و”أكوا باور” إلى مساحات شاسعة تصل إلى 200 ألف هكتار لتنفيذ مشاريعها، في حين أن الأراضي المتاحة من قبل الحكومة تتراوح عادة بين 30 و 50 ألف هكتار لكل مشروع.
حالياً، تدرس الحكومة المغربية 40 مشروعًا استثماريًا من شركات محلية ودولية، مع توقعات بتخصيص ما يصل إلى 300 ألف هكتار للمشاريع الأولى. هذا في إطار خطة شاملة تهدف إلى تخصيص مليون هكتار لقطاع الهيدروجين الأخضر في البلاد.