تحقيقات موسعة لكشف شركات الأشباح ومحاربة الغش الضريبي
كشفت مصادر مطلعة أن المديرية العامة للضرائب باشرت تحقيقات موسعة إثر رصد محاولات من قبل بعض “الشركات الأشباح” لاستغلال الإعفاءات الضريبية على القيمة المضافة (TVA) المخصصة لتجهيزات الاستثمار.
هذا التلاعب تم كشفه من خلال معلومات دقيقة توصلت بها مصالح المراقبة من قسم الدراسات والإحصائيات والضرائب، بالإضافة إلى تعاون مع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
وفقًا للمصادر نفسها، فقد تبين أن بعض هذه الشركات قدمت طلبات للاستفادة من الإعفاء الضريبي على القيمة المضافة، إلا أنها فشلت في تقديم الضمانات اللازمة و”خطط الأعمال” المطلوبة التي تبرر هذا الإعفاء.
بعد تدقيق شامل في طلبات الإعفاء، تبين أن بعض هذه الشركات كانت تسعى لتحويل تجهيزات الاستثمار المشتراة بالإعفاء الضريبي إلى السوق السوداء بغية بيعها وتحقيق أرباح غير مشروعة.
وأكدت المصادر أن هذا التدقيق يأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المديرية العامة للضرائب لمكافحة الأنشطة غير القانونية، خاصة في ما يتعلق بالشركات غير النشطة أو ما يُعرف بـ”الشركات الأشباح”، التي تم تصفيتها تدريجيًا على مدار السنوات الثلاث الماضية، ليصل عددها إلى أقل من 80 ألف شركة.
وتُعتبر هذه الشركات واحدة من أكبر مصادر الغش الضريبي في المغرب، مما دفع إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمتابعة أنشطتها.
وقد عززت المديرية العامة للضرائب عمليات التبادل الإلكتروني للمعطيات مع عدة مؤسسات حكومية، منها إدارة الجمارك ومكتب الصرف، بهدف تتبع أنشطة هذه الشركات والتأكد من هويات المتعاملين معها.
كما تم رصد تواطؤ بعض الشركات مع مستوردين يستغلون الإجراءات الجمركية التحفيزية مثل “القبول المؤقت” (Admission temporaire) لتسويق السلع المستوردة داخليًا دون تصديرها، ما مكّنهم من التهرب من دفع الرسوم الجمركية وتحقيق هوامش ربحية كبيرة.
وفي سياق آخر، أكدت المديرية العامة للضرائب أن المقاولات غير النشطة أمامها فرصة لتسوية وضعيتها الجبائية قبل نهاية العام، حيث يقترب 31 دجنبر 2024 من أن يكون الموعد النهائي لتسوية أوضاع هذه الشركات بموجب قانون المالية الحالي.
وترتكز هذه المبادرة على إعادة دمج “المقاولات النائمة” في النظام الضريبي، بهدف توسيع الوعاء الجبائي ورفع كفاءة تحصيل الضرائب.
وبالرغم من التحفيزات الضريبية التي قدمتها المديرية خلال السنتين الماضيتين، لا يزال الإقبال على تسوية الوضعية الجبائية منخفضًا، ما يشير إلى أن هذه الجهود لم تساهم بشكل كافٍ في استقطاب الشركات غير النشطة.
تُشترط على الشركات غير النشطة تقديم إقرار إلكتروني يفيد بتوقف النشاط، بالإضافة إلى دفع مبلغ جزافي قدره 5,000 درهم عن كل سنة محاسبية غير متقادمة.
كما يتعين على هذه الشركات القيام بمجموعة من الإجراءات القانونية مثل التشطيب من السجل التجاري وطلب التشطيب من الرسم المهني، وذلك ضمن الإجراءات اللازمة لتسوية وضعيتها.
تواصل المديرية العامة للضرائب جهودها الحثيثة لمحاربة الغش الضريبي في المغرب، مستهدفةً بشكل خاص الشركات غير النشطة والشركات الأشباح التي تستغل الثغرات في النظام الضريبي لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وبالتوازي مع هذه الجهود، تسعى الحكومة إلى إصلاح النظام الضريبي بشكل موسع، بهدف توسيع القاعدة الضريبية وضمان عدالة أكبر في تحصيل الضرائب.