القطاع العقاري في الصين..جهود الإنعاش في مواجهة التحديات المستمرة
ظل القطاع العقاري في الصين لعقود طويلة أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث ساهم بشكل كبير في الطفرة الاقتصادية التي شهدتها البلاد وتحسين مستوى المعيشة للسكان.
ومع ذلك، واجه هذا السوق الرائد تحديات كبيرة أدت إلى تراجعه على مدار السنوات الأربع الماضية. سعت الحكومة الصينية، عبر تدابير جديدة في المجالين المالي والنقدي، إلى إنعاش القطاع.
رغم الجهود المتكررة من قبل بكين، لا يزال القطاع يعاني من التراجع، مما دفع الحكومة مؤخرًا لإطلاق حزمة جديدة من التدابير لتعزيز نشاط السوق.
في نهاية شتنبر ، أعلن محافظ بنك الشعب الصيني “بان جونج شينج” عن خفض أسعار الفائدة على عمليات إعادة تمويل قروض الرهن العقاري القائمة، بالإضافة إلى تقليص نسب الدفعات المقدمة على هذه القروض.
كما تم تخفيض سعر الفائدة المرجعي للقروض الجديدة، وتم توجيه الدعم المالي للحكومات المحلية لشراء المخزون العقاري غير المبيعت.
تثير هذه التدابير تساؤلات حول قدرتها على إنهاء أزمة القطاع أو حتى وقف النزيف المستمر، لكن من الضروري أولاً فهم طبيعة السوق والأسباب التي أدت إلى الأزمة الحالية.
و اعتمدت التنمية الصينية على النمو السريع للناتج المحلي الإجمالي من خلال التركيز على قطاعات تقليدية مثل التجارة الخارجية والاستثمار العقاري. ساهم النمو السكاني، وخاصة من الطبقة المتوسطة، في تعزيز الطلب على المنازل.
علاوة على ذلك، كانت الثقافة المالية تعتمد بشكل كبير على الاستثمار في العقارات.
وفقًا لتقرير صادر عن “كايشا بنك” الإسباني في 2022، كان نشاط البناء في الصين يمثل 7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015.
ومع الأخذ بعين الاعتبار أنشطة القطاع العقاري، تبلغ مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي 13%، مقارنة بـ 17% في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة وألمانيا.
تغيرت تركيبة السكان في الصين، حيث شهدت البلاد تراجعًا في معدلات الإنجاب بعد تطبيق “سياسة الطفل الواحد”.
أدى ذلك إلى تراجع النمو السكاني وانخفاض الطلب على الإسكان. جاءت أزمة وباء “كوفيد-19” لتزيد الطين بلة، حيث فرضت الصين قيودًا مشددة على الحركة والأنشطة الاقتصادية، مما أدى إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وتراجع الطلب على المساكن، ما أثر سلبًا على شركات التطوير العقاري.
و خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين لعام 2024، مشيرًا إلى تفاقم أزمة القطاع العقاري.
و تشمل أبرز الإجراءات الحكومية الجديدة إطلاق برنامج إعادة تمويل بقيمة 300 مليار يوان، بهدف توفير السيولة اللازمة للحكومات المحلية لشراء الفائض من المنازل غير المبيعة.
رغم هذه الإجراءات، اعتبر البعض أن حجم التمويلات المخصصة غير كافٍ، مما أدى إلى ردود فعل فاترة من قبل المتعاملين في السوق.
ومع ذلك، يأمل الخبراء أن تتمكن هذه التدابير من دعم شركات التطوير العقاري وتحسين الوضع، إذا تم تطبيقها بشكل صحيح، ولكن السيطرة على جانب الطلب ستظل تحديًا كبيرًا.