في عالم منقسم.. هل انتهت حقبة العولمة؟
تواجه العولمة -التي كانت ذات يوم قوة دافعة للسلام العالمي والرخاء وانخفاض التضخم، انحدارا حاسما مع إعادة تشكيل المشهد الدولي من خلال التوترات الجيوسياسية والتحولات الاقتصادية.
ووفقا لمايك أوسوليفان، أحد كبار المساهمين في مجلة فوربس، فإن عصر العولمة قد انتهى. ويشير إلى الخصائص البارزة للعولمة والسلام، وانخفاض التضخم، والرخاء الدولي، التي أصبحت نادرة على نحو متزايد.
وتستند وجهة نظر أوسوليفان -التي أوضحها في مقال على مجلة فوربس- إلى كون الترابط والاعتماد المتبادل بين الدول يتدهور مع قيام القوى العالمية الكبرى بإعادة تشكيل تحالفاتها الاقتصادية والسياسية.
وفي اللقاء الاقتصادي الأخير، سلطت مناقشة محتدمة مع وزير الاقتصاد الألماني السابق الضوء على هذه الحقيقة.
حيث بدأ ادعاء الوزير بأن موجة جديدة من العولمة كانت وشيكة بمثال خيال في نظر أوسوليفان، نظرا لاعتماد ألمانيا الاقتصادي المتضارب على الصين، واحتياجات المواءمة مع الولايات المتحدة، والقضايا التي لم يتم حلها مع روسيا والتي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.
تصاعد تشييد الدرات في عالم ثنائي القطب
وبحسب الكاتب سلط باري آيكنغرين، وهو خبير دولي في مجال النقد الأجنبي والتدفقات المالية، الضوء في ورقته البحثية تحمل عنوان “العولمة والنمو في عالم ثنائي القطب” على الديناميكيات المتغيرة للتجارة والاستثمار العالميين.
وأشار آيكنغرين إلى أنه على الرغم من أن التجارة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي لا تزال مرتفعة، إلا أنها واجهت رياحا معاكسة شديدة وأعادت توجيه التدفقات إلى دول مثل المكسيك وفيتنام.
كما تراجعت تدفقات رأس المال والتدفقات المالية بشكل كبير، في ظل عوائق تواجه جهود الصين لتعميق أسواقها المالية وتعزيز استخدام عملتها.
ويقول أوسوليفان، وهو يتأمل في النتائج التي توصل إليها آيكنغرين، إن العولمة تشمل أكثر من مجرد التجارة وتدفقات رأس المال، وهي تشمل إلى جانب ذلك تدفق الناس، والسياحة، والتعليم في الخارج، والخطاب السياسي.
ويضيف أنه بهذه التدابير تنهار العولمة مع تصاعد تشييد الجدران، وتفقد المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي أهميتها.
مستقبل التجارة العالمية
ويؤكد أوسوليفان أن العولمة، التي بدأت مع سقوط الشيوعية واكتملت بقمع الديمقراطية في هونغ كونغ عام 2020، لا تتعلق فقط بالنمو التجاري أو دورات الأعمال. وبدلا من ذلك، فهو يمثل شكلا محددا من الترابط العالمي الذي بدأ ينهار الآن.
وتؤيد شركة واتلينغ، المعروفة برصد الدورات الاقتصادية -كما يقول الكاتب- وجهة النظر القائلة إننا ننتقل من نظام العولمة طويل الأمد إلى عصر جديد غير محدد المعالم.
وسوف تتميز هذه الفترة الفاصلة بمعالجة اختلالات التوازن مثل الأضرار المناخية والديون مع دمج التكنولوجيات الجديدة في الاقتصادات والمجتمعات، هكذا يختم أوسوليفان وجهة نظره.