الاقتصادية

مؤشر الذهب إلى الفضة.. قراءة دقيقة لتقلبات المعادن النفيسة

في خضم الأسواق المالية، يظل الذهب رمزًا للاستقرار والثقة، بينما تبرز الفضة بحركتها الأكثر حيوية، إذ تجمع بين دورها كأصل استثماري وكونها مادة أساسية للصناعات المتقدمة.

وفي هذا السياق، يشكل مؤشر نسبة الذهب إلى الفضة أداة مركزية لفهم العلاقة بين هذين المعدنين وتقييم قيمة كل منهما مقارنة بالآخر.

يقيس هذا المؤشر عدد أوقيات الفضة المطلوبة لشراء أوقية واحدة من الذهب، ويتم احتسابه بقسمة سعر الذهب على سعر الفضة. ومن خلال بساطته، يمنح المؤشر المستثمرين قدرة على التعرف سريعًا على أي المعدنين قد يكون مقومًا بأقل أو أعلى من قيمته العادلة مقارنة بالآخر.

تتجلى أهمية المؤشر في أنه يعكس مستوى التسعير النسبي بين الذهب والفضة. فارتفاع النسبة يشير إلى رخص الفضة نسبيًا، بينما الانخفاض يعكس تفوق سعر الفضة على الذهب بوتيرة أسرع. ويؤكد “كريس مانشيني”، مدير المحافظ في صندوق “جابيلي” للذهب، أن هذا المؤشر يمثل أداة أساسية لتقييم فرص الشراء والبيع وتوقع مسار الأسعار المستقبلية.

على مدى قرون، تراوحت نسبة الذهب إلى الفضة بين 15 و17 أوقية فضة لكل أوقية ذهب، وهو ما يعكس الندرة النسبية للذهب مقارنة بالفضة، إذ تشير البيانات الجيولوجية إلى أن الفضة أكثر وفرة في القشرة الأرضية بحوالي 17 مرة.

شهدت السنوات الأخيرة تقلبات كبيرة في النسبة، حيث ارتفعت لتصل إلى 123 أوقية فضة لكل أوقية ذهب خلال جائحة كورونا، قبل أن تتراجع تدريجيًا إلى 74 أوقية في نوفمبر، ثم أقل من 60 أواخر الأسبوع الماضي.

ويعزى هذا التراجع إلى ارتفاع أسعار الفضة بوتيرة أسرع من الذهب، إذ سجلت الفضة ارتفاعًا بنسبة 144% منذ بداية العام، مقابل زيادة 65% في أسعار الذهب خلال نفس الفترة.

تضافرت عدة عوامل لتعزيز الطلب على الفضة، أبرزها التوقعات في بداية العام بفرض رسوم جمركية أمريكية، ما أدى إلى ضخ كميات كبيرة في بورصة نيويورك، بالإضافة إلى الطلب الصناعي المتزايد في مجالات الطاقة المتجددة ومراكز البيانات، مما عزز مكانة الفضة في الأسواق.

تشير قاعدة 50/80 إلى أن تجاوز النسبة مستوى 80 أوقية فضة لكل أوقية ذهب يعني أن الفضة مقومة بأقل من قيمتها، ما يزيد احتمالية ارتفاعها، بينما انخفاضها دون 50 يوجه المستثمرين نحو الذهب باعتباره أكثر استقرارًا.

حاليًا، تتأرجح النسبة حول مستوى 60، ضمن النطاق التاريخي الأمثل بين 60 و75، ما يعكس توازنًا نسبيًا بين الذهب والفضة. ورغم هذا التوازن، تظل التقلبات واردة، إذ قد يواصل الطلب الصناعي والاستثماري إبقاء الفضة في موقع متقدم نسبيًا، بينما يظل مؤشر نسبة الذهب إلى الفضة أداة مهمة لمراقبة حركة الأسعار واتجاهات السوق.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى