المغرب والصين تسعيان لإعادة توازن التجارة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية

في خطوة لتعزيز العلاقة الاقتصادية بين المغرب والصين، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن الرباط وبكين تسعيان إلى وضع آليات عملية لمعالجة العجز التجاري بين البلدين، ضمن مسعى لإقامة شراكة اقتصادية مستدامة تقوم على مبدأ “رابح – رابح”.
وجاءت تصريحات مزور خلال حوار شامل مع صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية، سلط من خلاله الضوء على نتائج الاجتماع السابع للجنة المغربية-الصينية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني، الذي انعقد في بكين يوم 16 دجنبر 2025.
وأوضح الوزير أن معالجة العجز التجاري شكلت أحد أبرز محاور النقاش، في ظل حجم التبادل التجاري الكبير بين الطرفين.
وكشف الوزير أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين بلغ خلال 2024 نحو 9.4 مليارات دولار، حيث لم تتجاوز الصادرات المغربية السوق الصينية 401 مليون دولار، مقابل واردات صينية تفوق 9 مليارات دولار، ما يعكس وجود عجز تجاري يقارب 9 مليارات دولار تسعى الرباط لمعالجته.
وأشار مزور إلى أن الصين تحتل المرتبة الثالثة بين شركاء المغرب التجاريين عالمياً، وتشكل نحو 7% من إجمالي التجارة الخارجية للمملكة، كما أنها ثاني أكبر مورد للمغرب وأكبر شريك له في القارة الآسيوية.
ولفت إلى أن الهدف لا يقتصر على خفض حجم الاستيراد، بل على إعادة هيكلة التبادل التجاري عبر تعزيز الصادرات المغربية وتنويعها، وزيادة حضور المنتجات المغربية عالية القيمة في السوق الصينية، بما يسهم في تقليص العجز تدريجياً.
وشدد الوزير على أن العلاقات الاقتصادية بين الرباط وبكين شهدت تطوراً استراتيجياً منذ إرساء الشراكة الاستراتيجية عام 2016، قبل أن تتعزز بتوقيع مذكرة تفاهم ضمن مبادرة “الحزام والطريق” في 2017، وخطة التنفيذ المشتركة في 2022.
وأوضح مزور أن التعاون المغربي-الصيني أصبح اليوم “غنياً ومتنوعاً وملموساً”، مدعوماً بمشاريع صناعية وبنيوية كبرى، من بينها مدينة محمد السادس طنجة تيك ومشروع غوشن هاي-تيك بالقنيطرة، أول مصنع ضخم لبطاريات السيارات الكهربائية في إفريقيا، والذي استقطب استثمارات تصل إلى 1.3 مليار دولار ويوفر أكثر من 17.600 وظيفة. بينما يوفر مصنع BTR للكاثودات بطنجة المتوسط استثماراً بقيمة 300 مليون دولار مع نحو 2.500 وظيفة.
وأكد الوزير أن هذه المشاريع تمثل ركيزة لمعالجة الخلل التجاري من خلال تطوير سلاسل قيمة مشتركة، وتعزيز التصنيع المحلي، ورفع القدرة التصديرية للمغرب، خصوصاً في القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا الخضراء والصناعات المستقبلية.
كما أبرز مزور آفاق التعاون المستقبلية في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، بما يشمل تطوير مشاريع صناعية مشتركة، وتعزيز الاستثمارات المتبادلة، وتوسيع التعاون في مجالات الطاقات المتجددة والصناعة المستدامة.
وأشار الوزير إلى أن المغرب يسعى لترسيخ موقعه كمنصة إقليمية تربط إفريقيا وأوروبا وآسيا، مستفيداً من بنيته التحتية المتقدمة، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط الذي يمثل ركيزة أساسية لتعزيز الربط التجاري واللوجستي مع الصين.




