الاقتصادية

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مفترق الطاقة..الطلب يتضاعف والتحول نحو الطاقة النظيفة يتسارع

كشف تقرير حديث لوكالة الطاقة الدولية (IEA) عن تضاعف استهلاك الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) ثلاث مرات منذ عام 2000، ما يجعلها واحدة من أسرع مناطق العالم نموًا في الطلب على الطاقة.

ويعزى هذا النمو بشكل رئيسي إلى تزايد عدد السكان وارتفاع مستويات الدخل، مع لعب أجهزة التكييف دورًا محوريًا، حيث تمثل ما يقرب من نصف الاستهلاك خلال فترات الذروة.

وتتوقع الوكالة أن يرتفع الطلب على الكهرباء بنسبة 50% إضافية بحلول عام 2035 إذا استمرت السياسات الحالية، مدفوعًا بالتوسع العمراني والنمو الصناعي والزيادة السكانية السريعة.

وعلى الرغم من سيطرة النفط والغاز على توليد الكهرباء حاليًا بنسبة تفوق 90%، فإن الخمس عشرة سنة المقبلة ستشهد تحولًا جذريًا. فمن المتوقع أن ينخفض اعتماد النفط إلى 5% فقط بحلول 2035، مقارنةً بـ 20% حاليًا، فيما سيستمر الغاز الطبيعي في لعب دور أساسي، إلى جانب نمو متسارع للطاقة المتجددة والطاقة النووية.

وتشير تقديرات الوكالة إلى أن القدرة الشمسية ستتوسع عشرة أضعاف لتصل إلى 200 غيغاواط، مع ارتفاع حصة مصادر الطاقة المتجددة إلى 25% مقابل 6% حاليًا، بينما ستشهد الطاقة النووية زيادة ملحوظة في الإمارات ومصر وإيران.

وقال المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول: “يشهد الطلب على الكهرباء في المنطقة ارتفاعًا سريعًا نتيجة الاحتياجات المتزايدة للتبريد وتحلية المياه، بالتوازي مع نمو السكان والاقتصادات.

منذ مطلع القرن، سجلت المنطقة ثالث أكبر نمو عالمي في استهلاك الكهرباء بعد الصين والهند. لتلبية هذا الطلب، من المتوقع أن تتوسع القدرة الإنتاجية بأكثر من 300 غيغاواط خلال العقد المقبل، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف القدرة الحالية للمملكة العربية السعودية”.

ويتوقع أن يشكل الغاز الطبيعي نصف مزيج الطاقة بحلول 2035، مع استثمارات ضخمة من شركات نفط وطنية مثل أرامكو السعودية وأدنوك وقطر للطاقة، بهدف توسيع قدراتها في سوق الغاز الطبيعي المسال (LNG). ويعتبر الغاز وقودًا انتقاليًا وجسرًا نحو مصادر الطاقة النظيفة، إلى جانب كونه مصدرًا مهمًا لتعظيم الإيرادات بعيدًا عن النفط الخام.

وأشار أوكان كوسيه، المدير الإداري لشركة “أكسنتشر”، لوكالة بلومبرغ: “يظل الغاز الطبيعي المسال الرهان الأفضل بين جميع السلع الهيدروكربونية، إذ تحقق الاستثمارات فيه هوامش أرباح شبه غير مسبوقة مقارنة بأي سلعة أخرى”.

لكن الوكالة حذرت من أن بعض دول المنطقة لن تتمكن من مواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء، حيث تواجه دول مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان والسودان أزمات متكررة. فعلى سبيل المثال، رغم ثرواته النفطية، تعاني العراق من انقطاعات مزمنة كلفتها نحو 100 مليار دولار بين 2014 و2020.

أما لبنان، فيعتمد على مولدات خاصة ملوثة ووقود غير قانوني لتعويض النقص، فيما انخفضت القدرة التوليدية في سوريا إلى أقل من 40% من مستويات ما قبل الحرب، وانخفضت في ليبيا إلى النصف بسبب النزاع الأهلي.

غير أن وفرة الموارد المتجددة تمنح المنطقة فرصًا هائلة. ففي اليمن، دشّن في 15 يوليو 2024 مشروع محطة عدن للطاقة الشمسية بقدرة 120 ميغاواط بتمويل إماراتي، لتغطية احتياجات نحو 150-170 ألف منزل وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ومن المتوقع أن تتضاعف حصة الطاقة الشمسية في إجمالي إنتاج الكهرباء باليمن بحلول 2026 مع دخول المرحلة الثانية من المشروع.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى