دراسة : التغطية الصحية استُغلّت للتخلي عن مجانية العلاج وإلقاء العبء على الفقراء

كشفت دراسة حديثة لجمعية “أطاك” المغرب عن واقع مثير للقلق يحيط بنظام التغطية الصحية في البلاد، مؤكدة أن ما يُروّج له كمكسب اجتماعي ليس سوى غطاء لإلغاء مبدأ مجانية العلاج.
ووفقًا للجمعية، يجد الفقراء أنفسهم اليوم يتحملون العبء الأكبر من نفقات الرعاية الصحية، وهو ما كان من المفترض أن تتحمله ميزانية الدولة.
توضح الدراسة أن النظام الأساسي للتأمين الإجباري عن المرض، الممول عبر اشتراكات أرباب العمل، هو وحده الذي يندرج ضمن “الحماية الاجتماعية”. أما الأنظمة الأخرى، فتفرض على المرضى تحمل التكاليف بشكل مباشر، ما يحول دون حصول الفئات الأكثر هشاشة على الرعاية اللازمة.
وحتى نظام المساعدة الطبية الموجه للفقراء لا يخلو من مشاكله؛ إذ تُفرض على الأسر اشتراكات سنوية قد تصل إلى 600 درهم، وهو مبلغ يشكل عبئاً حقيقياً على ذوي الدخل المحدود، خاصة مع خطر الحذف من النظام في حال عدم القدرة على الدفع.
تؤكد “أطاك” أن الدولة تخلت عن دورها في تحمل جزء من نفقات العلاج، وألقت بهذا العبء على كاهل أنظمة التغطية الصحية. هذا التراجع أصبح أكثر وضوحًا مع إصدار القانون الإطار رقم 34.09 في عام 2011، الذي تعتبره الجمعية “انقلابًا على الحق في الصحة” ومقدمة لـخوصصة القطاع الصحي.
ورغم أن أسعار الخدمات في المستشفيات العمومية ظلت ثابتة منذ عام 2004، فإنها تظل مرتفعة مقارنة بدخل المواطن، خاصة بالنسبة للخدمات التي تتطلب إجراءات معقدة أو عمليات جراحية، مثل الولادة القيصرية.
هذا الوضع يضيف عقبة مالية إضافية إلى جانب تردي جودة الخدمات الصحية العمومية، مما يمنع آلاف المرضى من الطبقات الشعبية من الحصول على العلاج.
الدراسة لم تقتصر على الجانب المالي فقط، بل رصدت أيضًا فوارق صادمة في متوسط العمر بين مختلف شرائح المجتمع. فالمغرب يشهد تباينات حادة بين الأغنياء والفقراء، وبين سكان المدن والبوادي، ما يعكس أن الحصول على رعاية صحية جيدة أصبح مرتبطًا بالوضع الاجتماعي والمادي، ويؤثر بشكل مباشر على فرص الحياة.
وتختتم “أطاك” دراستها بدعوة صريحة إلى الدفاع عن مجانية العلاج، وتحميل الدولة المسؤولية الكاملة في تمويل النفقات الصحية لجميع المواطنين. وتطالب الجمعية بحركة اجتماعية واسعة لإلغاء القوانين التي تضع حاجزًا ماديًا أمام الحق في الصحة الشاملة للجميع.