المغرب يوسع التعاون الطبي مع الصين لمواجهة نقص الأطباء وتحسين الرعاية الصحية

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع الصحي في المغرب، من نقص حاد في الأطباء وتدهور في جودة الخدمات، خاصة في المناطق النائية والجبلية، تتجه الحكومة المغربية نحو استراتيجية عاجلة لتعزيز منظومتها الطبية. ويبدو أن الحل يكمن في تعزيز الشراكة مع حليف قديم: جمهورية الصين الشعبية.
تأتي زيارة الوفد المغربي رفيع المستوى إلى مدينة شنغهاي الصينية لتؤكد هذا التوجه، حيث تهدف الزيارة إلى استكشاف سبل جديدة للتعاون الطبي.
وخلال هذه الزيارة، أطلع المسؤولون المغاربة على أحدث التقنيات الصينية في إدارة المستشفيات والنظم الرقمية المتقدمة التي تُستخدم لتتبع حالات المرضى وتحسين كفاءة الرعاية.
لم تقتصر الزيارة على ذلك فقط، بل كانت فرصة للوفد المغربي لعقد لقاءات ثنائية مع نظرائهم الصينيين لمناقشة توسيع نطاق التعاون.
ويشمل هذا التوسيع إمكانيات تدريب الأطباء المغاربة في المستشفيات الصينية المتخصصة، إضافة إلى إرسال فرق طبية صينية إضافية للعمل في المغرب، ما من شأنه أن يخفف الضغط الهائل على المستشفيات العمومية.
التعاون الطبي بين المغرب والصين ليس وليد اليوم، بل يعود إلى عقود مضت. ففي عام 1975، وصلت أول بعثة طبية صينية إلى المغرب، ومنذ ذلك الحين، ساهم أكثر من 2000 طبيب وممرض صيني في تقديم الرعاية الصحية للمغاربة، خاصة في تخصصات الجراحة والطب التقليدي الصيني.
وقد أشار الوفد المغربي خلال مشاركته في احتفال اليوبيل الذهبي لإرسال البعثات الطبية الصينية إلى المغرب، إلى القيمة الكبيرة لهذا التعاون، الذي يعكس نموذجاً ناجحاً لشراكة “الجنوب-جنوب”.
وقد أثبتت هذه البعثات الطبية فعاليتها في سد النقص في الأطر الطبية في مناطق نائية مثل جهة درعة تافيلالت والجهة الشرقية والأقاليم الصحراوية، ما خفف من العبء على النظام الصحي المحلي.
و على الرغم من هذه الجهود، لا يزال المغرب بعيداً عن تحقيق المعدل العالمي الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية، والذي يحدد وجود 2.3 طبيب لكل ألف نسمة.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية، لا يتجاوز المعدل في المغرب 1.2 طبيب لكل ألف نسمة، وهي فجوة كبيرة تحتاج إلى حلول فورية.
ومع استمرار ظاهرة هجرة الأطباء المغاربة للعمل في دول أوروبية وخليجية، تزداد الحاجة إلى استقطاب الكفاءات الأجنبية.
وفي هذا السياق، يعتبر خيار استقدام المزيد من الأطباء الصينيين حلاً استراتيجياً وفعالاً لتقوية المنظومة الصحية، خاصة مع الخبرة الكبيرة التي اكتسبوها في العمل داخل الأراضي المغربية على مدى عقود.
ويأمل البلدان حالياً في توسيع التعاون ليشمل مجالات حديثة مثل التطبيب عن بُعد، والتدريب المستمر، واستخدام التقنيات الطبية المتقدمة. وفي الوقت الذي يسعى فيه المغرب إلى رفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة لمواطنيه، تبدو الشراكة مع الصين خطوة حاسمة على طريق تحقيق هذا الهدف.