الذكاء الاصطناعي والقانون الفرنسي يضعان قطاع مراكز الاتصال المغربي أمام مفترق طرق

يواجه قطاع مراكز الاتصال في المغرب، الذي يُعد شريانًا حيويًا لتوظيف آلاف الشباب، تحديات غير مسبوقة تهدد استقراره.
ففي الوقت الذي بدأت فيه بعض الشركات بتسريح موظفيها، يبرز سببان رئيسيان وراء هذه الموجة الجديدة من التغيير: تنامي دور الذكاء الاصطناعي، وقانون فرنسي جديد يستهدف المكالمات التسويقية غير المرغوب فيها.
بحسب ما أفادت به Médias24، فإن هذا التراجع يُعزى بشكل أساسي إلى دخول أدوات الذكاء الاصطناعي على خط القطاع، حيث باتت هذه التقنيات قادرة على أداء مهام كانت حكرًا على الموظفين.
وقد عبّر أيوب سعود، الكاتب العام للفيدرالية الوطنية لمراكز الاتصال ومهن الأوفشورينغ، عن قلقه من هذا التحول، مؤكدًا أنه حتى دوره كمسؤول جودة بات مهددًا، حيث تقوم أدوات تحليل الصوت “Speech Analytics” بمراجعة المكالمات بفعالية أكبر.
على الجانب الآخر، هناك من يرى أن المشهد ليس قاتمًا لهذه الدرجة. يوسف الشرايبي، رئيس شركة “أوتسورشا” والفيدرالية المغربية للاستعانة بالخدمات الخارجية، يحاول طمأنة العاملين في القطاع، مشيرًا إلى أن التأثير سيكون محدودًا.
وأوضح أن قطاع الاستعانة بالخدمات الخارجية “الأوفشورينغ” سيواصل نموه العالمي بنسبة 8% سنويًا، وأن المغرب لن يشهد تسريحات جماعية واسعة، بل قد يمر القطاع بتباطؤ مؤقت في وتيرة التوظيف.
ويرى الشرايبي أن الشركات التي ستتأثر بشكل مباشر هي تلك التي تعتمد بشكل كلي على المكالمات التسويقية البحتة. أما الشركات التي تتمتع بمرونة كافية للتحول نحو أنشطة ذات قيمة مضافة، فستكون في وضع أفضل للمقاومة.
ويؤكد أن القطاع يساهم بحوالي 140 ألف وظيفة في المغرب، مع إضافة ما يقارب 10 آلاف وظيفة جديدة سنويًا، متوقعًا تباطؤًا طفيفًا في هذا الرقم خلال عامي 2025 و2026، قبل أن يعود القطاع إلى مساره الطبيعي للنمو.
وفي المحصلة، يجد قطاع مراكز الاتصال المغربي نفسه على مفترق طرق. فمن جهة، يقف أمام تحدي الأتمتة والذكاء الاصطناعي الذي يهدد العديد من الوظائف التقليدية.
ومن جهة أخرى، يواجه تداعيات قوانين دولية مثل القانون الفرنسي الجديد الذي سيُطبق في غشت 2026. لكن مع ذلك، يظل القطاع قادرًا على توفير فرص عمل للشباب، بشرط أن يتبنى استراتيجيات جديدة تقوم على التكيف والابتكار لضمان استدامة هذه الوظائف في سوق العمل المتغيرة.