دراسة : البرلمان هامشي في السياسات الضريبية والبنك الدولي يمسك بزمام القرار

كشفت دراسة بحثية مغربية حديثة عن وجود خلل بنيوي في النظام الضريبي الوطني، معتبرة أن هذا الخلل ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تراكم تاريخي لتوزيع السلطة بين النخب السياسية والاقتصادية والمؤسسات الدولية.
الدراسة، التي نشرت سنة 2025 في مجلة International Journal of Accounting, Finance, Auditing, Management and Economics (IJAFAME)، حملت عنوان “العدالة الضريبية والديمقراطية في اتخاذ القرار: تاريخ سياسي لتوزيع السلطة الضريبية في المغرب”.
وقد أعدها فريق أكاديمي من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، يتكون من الأستاذة نعيمة أبا والباحثين أيوب بوراس وغزلان مساعد.
وأشارت نتائج البحث إلى أن الإصلاح الدستوري لسنة 2011، رغم منحه البرلمان المغربي صلاحيات أوسع، لم يغير بشكل ملموس من موازين القوى في المجال المالي.
إذ تظل الحكومة صاحبة المبادرة التشريعية في القوانين المالية، فيما تحتفظ المؤسسة الملكية بسلطة توجيهية عبر الخطب والمراسيم. أما البرلمان، فيقتصر دوره على المصادقة، مما يضعف قدرته على ممارسة رقابة حقيقية أو إرساء عدالة ضريبية فعلية.
كما أبرزت الدراسة الدور البارز لمجموعات الضغط، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. داخليًا، يظل الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) أحد أبرز المؤثرين في السياسات الضريبية، حيث تمكن من الدفع نحو خفض معدل الضريبة الهامشية على الدخل.
أما خارجيًا، فقد تحولت المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من مستشارين ماليين إلى فاعلين رئيسيين في صياغة القرارات الضريبية.
ووفق الدراسة، فإن هذا التأثير الدولي يعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين رفضت هذه المؤسسات منح قروض للمغرب بسبب خياراته الاقتصادية آنذاك، الأمر الذي أدى إلى فرض برامج تقشفية وإصلاحات هيكلية. ومن بين أبرز هذه الإجراءات إدخال ضريبة القيمة المضافة (TVA) عام 1986، التي صيغت وفق توجهات اقتصادية ليبرالية.
واعتبرت الدراسة أن مراكز القرار الحقيقية في السياسة الضريبية بالمغرب تتجاوز البرلمان والحكومة، لتتمركز في مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، وهو ما يخلق تناقضًا صارخًا بين الخطاب الرسمي حول العدالة الضريبية والواقع العملي لصناعة القرار المالي.
وفي ختامها، شددت الدراسة على أن إصلاح النظام الضريبي المغربي يتطلب إعادة توزيع السلطة بشكل يضمن استقلالية البرلمان، ويجعل من السياسة الجبائية أداة لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، بدل أن تبقى وسيلة لإعادة إنتاج الفوارق وعدم المساواة.