العودة إلى المدارس تتحوّل إلى مهرجان للرفاهية والتميّز الاجتماعي

مع حلول موسم العودة إلى المدارس، لم تعد المتاجر ومراكز التسوق تكتفي ببيع الأقلام والدفاتر، بل تحوّلت إلى منصات للعرض الاستهلاكي والرفاهية، حيث تتنافس العلامات التجارية الفاخرة على جذب انتباه أولياء الأمور والمراهقين على حد سواء.
الزحام المتزايد في المحال يعكس أكثر من مجرد استعدادات تعليمية؛ إنه مؤشر على تغيّر عميق في مفهوم المستلزمات المدرسية وتحوّلها إلى رموز للتميّز الاجتماعي وأسلوب الحياة.
لم تعد الحقيبة المدرسية مجرد أداة لحمل الكتب؛ فقد أصبحت سلعة فاخرة تتجاوز قيمتها أحيانًا مئات الدولارات، فيما تضاعفت تكلفة تجهيز الطالب الواحد مقارنة بالسنوات الماضية، لتشمل الأجهزة الذكية، والدفاتر الرقمية، والإكسسوارات الراقية.
الأهالي لم يعودوا يقتصرون على شراء الأدوات الأساسية، بل يتجهون نحو اقتناء منتجات تحمل علامات تجارية مرموقة، وأدوات ذكية تضيف بعدًا للهوية الاجتماعية.
و من الحقائب الفاخرة التي تصل أسعارها إلى أسعار قطع الأزياء، إلى الأجهزة اللوحية التي أصبحت بديلًا للدفاتر التقليدية، تحوّل موسم العودة إلى المدارس إلى ساحة لإظهار الذوق والمكانة الاجتماعية.
على سبيل المثال، تصل تكلفة مجموعة العودة للمدارس من “بوربيري” في المملكة المتحدة إلى نحو 3660 دولارًا، بينما تتراوح أسعار حقائب الأطفال من “غوتشي” بين 1200 و1300 دولار، ما يضعها ضمن فئة الرفاهية العالية حتى لأبسط الخيارات.
جيل الألفية وجيل زد يغيّر قواعد الإنفاق المدرسي، حيث يزداد الاهتمام بالجودة، الاستدامة، وسمعة العلامة التجارية، بينما تتراجع الأولويات التقليدية. وفق استطلاع “ديلويت” 2025، من المتوقع أن يصل حجم إنفاق الأسر الأمريكية على المستلزمات المدرسية حتى نهاية المرحلة الثانوية إلى نحو 30.9 مليار دولار، بمعدل 570 دولارًا لكل طالب.
كما تلعب منصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وإنستغرام، دورًا كبيرًا في تحديد اختيارات الشباب، ما يعزز تأثير الموضة الرقمية ويضاعف الطلب على المنتجات الفاخرة بين الطلاب وأسرهم.
عوامل أعادت تشكيل سوق المستلزمات الدراسية:
العامل |
ملاحظات |
مشاركة الأطفال في اختيار المستلزمات |
تزايد تطلعات الطلاب يفرض ضغوطًا على الآباء |
ارتفاع الأسعار |
يزيد من كلفة شراء القرطاسية |
العلامات الفاخرة كرمز اجتماعي |
تلجأ إليها بعض الأسر كوجاهة اجتماعية |
وسائل التواصل الاجتماعي |
تيك توك وإنستغرام يقودان الصيحات في عالم القرطاسية |
التكنولوجيا |
تزايد الإقبال على الأجهزة اللوحية وخاصة المدعومة بالذكاء الاصطناعي |
في الوقت الذي تغوص فيه بعض الأسر في تجربة التسوق الفاخر، تبحث أسر أخرى عن بدائل اقتصادية أو مستلزمات مستعملة لتقليل النفقات.
وفق بيانات “ديلويت”، 75% من الآباء مستعدون لتغيير العلامة التجارية إذا ارتفعت الأسعار، في حين يفضل آخرون شراء منتجات فاخرة كوسيلة للتعبير عن مكانتهم الاجتماعية.
هذا الانقسام يظهر ليس فقط في نوعية الأدوات، بل أيضًا في أنماط الاستهلاك، حيث يلجأ بعض الآباء إلى دفاتر مرسومة يدويًا أو أقلام مطلية بالذهب، بينما تبحث أسر أخرى عن خيارات اقتصادية عبر الأسواق الشعبية أو المبادرات المجتمعية لجمع التبرعات للمحتاجين.
إضافة إلى البعد الاستهلاكي، أصبحت التكنولوجيا عاملًا رئيسيًا في زيادة الأعباء المالية. الأجهزة اللوحية، الحواسيب المحمولة، واشتراكات التطبيقات التعليمية باتت جزءًا أساسيًا من تجهيز الطالب، مع إنفاق أمريكي تجاوز 13 مليار دولار على الإلكترونيات التعليمية في موسم العودة للمدارس 2023.
في بعض المدارس الخاصة، أصبحت الأجهزة الذكية شرطًا إلزاميًا، ما يزيد الضغوط على الأسر ويعمّق الفجوة بين من يستطيع شراء أحدث الأدوات ومن يكتفي بالحد الأدنى، لتصبح التكنولوجيا جزءًا من التنافس الاجتماعي وإبراز المكانة.
اليوم، لم تعد قائمة المستلزمات المدرسية مجرد أدوات تعليمية، بل تحولت إلى التزامات مالية مستمرة مرتبطة بالابتكار التكنولوجي، التغيرات الاجتماعية، والهوية الاستهلاكية.
موسم العودة إلى المدارس أصبح مساحة للتعبير عن المكانة الاجتماعية والذوق الشخصي، ليصبح سوق المستلزمات المدرسية ملتقى بين التعليم، الترف، والتميّز الاجتماعي، حيث يمكن أن تعكس حقيبة الطالب الواحدة أكثر من مجرد استعدادات مدرسية.