كيف باتت الشركات المدرَجة تتحول إلى لاعِب استراتيجي في أصول العملات الرقمية ؟
تشهد الشركات المدرجة في الأسواق المالية تحولًا ملحوظًا في تعاملها مع الأصول الرقمية، حيث لم تعد العملات المشفرة، وبخاصة العملات المستقرة، مجرد أدوات مضاربة، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من استراتيجيات إدارة رؤوس أموالها.
في تقرير حديث صادر عن شركة Galaxy Research بعنوان “صعود شركات إدارة الأصول الرقمية”، تبرز هذه الظاهرة كاتجاه متزايد، إذ تمتلك شركات إدارة الأصول الرقمية مجتمعة ما يزيد على 100 مليار دولار من عملات بيتكوين وإيثريوم وأصول رقمية أخرى.
ويكشف التقرير أن هذه الشركات تتحكم حاليًا في نحو 791,662 بيتكوين، ما يعادل 93 مليار دولار، إضافة إلى 1.31 مليون إيثريوم بقيمة تقارب 4 مليارات دولار. ويشكل هذا حوالي 4% من إجمالي المعروض من بيتكوين و1.1% من معروض إيثريوم في السوق.
تبتكر شركات إدارة الأصول الرقمية أساليب جديدة لجمع التمويل، مستفيدة من برامج الأسهم المتداولة في السوق (ATM) عندما يتم تداول أسهمها بعلاوة، مما يتيح لها تعزيز مخزونها من العملات الرقمية بأقل تكلفة ممكنة.
بالإضافة إلى ذلك، تلجأ بعض الشركات إلى الاكتتابات الخاصة، صفقات PIPE، أو عمليات الاندماج عبر شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة (SPAC) كوسائل لتسريع اكتساب الأصول الرقمية.
وتُشير الشركة إلى أن هذه الاستراتيجيات أثمرت عن مكاسب ضخمة، إذ حققت بعض الشركات أرباحًا غير محققة بمليارات الدولارات خلال فترات السوق الصاعدة.
و على الرغم من أن معظم شركات إدارة الأصول الرقمية تتركز في الولايات المتحدة، إلا أن هذه الظاهرة توسعت بسرعة على الصعيد الدولي، مستفيدة من عمق أسواق رأس المال الأمريكية.
هذا النمو ساعد في تعزيز سيولة العملات المشفرة وربط أسعار الأسهم بحركة العملات الرقمية بشكل مباشر.
و مع هذا الزخم، لا يخلو النمو من مخاطر. فالتقلبات في علاوات الأسهم، تشديد اللوائح التنظيمية، أو ركود أسواق رأس المال قد تضطر الشركات إلى تخفيض أو تصفية ممتلكاتها الرقمية.
ورغم أن تأثير هذه الشركات على سوق العملات الرقمية البالغ حجمه 3.8 تريليون دولار لا يزال محدودًا، إلا أن القلق يكمن في شراء المستثمرين للأسهم بعلاوات مرتفعة قد تصل لعشرة أضعاف قيمة الأصول الرقمية الحقيقية التي تملكها الشركات.
حاليًا، تُظهر البيانات أن نحو 160 شركة عامة تملك ما يقارب مليون عملة بيتكوين، حيث تتجاوز حيازات أكثر من 35 شركة 120 مليون دولار. ومع استمرار دخول شركات جديدة إلى السوق يوميًا، تزداد وتيرة انتشار هذه الظاهرة وتتصاعد من وتيرة تغطيتها الإعلامية.
