زيارة ترامب النادرة لمقر الاحتياطي الفيدرالي ترفع من حدة التوترات حول السياسة النقدية

في خطوة غير مسبوقة منذ ما يقرب من عشرين عامًا، زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي مقر الاحتياطي الفيدرالي، حيث وقف إلى جانب رئيس البنك المركزي جيروم باول مرتديين خوذات بيضاء، لمتابعة مشروع تجديد المباني وتكاليفه المتصاعدة.
وكان آخر رئيس أمريكي يزور مقر الاحتياطي الفيدرالي هو جورج دبليو بوش عام 2006، حين حضر مراسم أداء بن برنانكي لليمين، وذلك بسبب تحاشي الرؤساء التدخل في شؤون البنك المركزي احترامًا لاستقلاليته.
رافق ترامب في جولته التفقدية مستشاروه من البيت الأبيض، حيث زار موقع العمل الذي يشغل نحو 700 إلى 800 عامل على مدار فترتي عمل يوميتين. جاءت الزيارة في وقت يشهد توترًا متزايدًا بين الرئيس والإدارة وبين باول، خاصة مع تصعيد الضغوط والانتقادات المستمرة من ترامب بسبب عدم قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة منذ بداية العام.
بدأ مشروع تجديد مقر الاحتياطي الفيدرالي في 2017 بهدف توحيد العمليات التي تنتشر في مبنيين يعود تاريخ بنائهما إلى ثلاثينيات القرن الماضي. وأوضح موظفو البنك أن بناء مقر جديد بالكامل سيكون أقل تكلفة من تحديث المباني القديمة.
رأى مراقبون أن المشروع أصبح ورقة ضغط سياسية يستخدمها ترامب لزيادة التأثير على باول، أو حتى للإطاحة به قبل انتهاء ولايته الرئاسية.
لكن ترامب نفسه قلل من احتمال إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي بسبب تحديات المشروع، معترفًا بأن الأمور قد لا تصل إلى هذا الحد.
لماذا تجاوزت تكلفة مشروع تجديد مقر الفيدرالي التقديرات الأولية؟ |
||
النقطة |
|
التوضيح |
التكلفة |
|
قدرت تكلفة المشروع في البداية عند 1.9 مليار دولار، لكنها تضخمت إلى 2.5 مليار دولار في السنوات القليلة الماضية، وهو ما يعزى جزئيًا للتضخم والتأخيرات، وارتفاع تكاليف العمالة، والتغييرات في توقعات جدول البناء، مما يطيل فترة استخدام المساحات المستأجرة. وصرح موظفو الفيدرالي بأن التعريفات الجمركية وارتفاع تكاليف المواد من الأسباب الرئيسية لتجاوز المشروع التكاليف المقدرة. |
تقدير “ترامب” |
|
استشهد “ترامب” بتكلفة تتجاوز 3 مليارات دولار، وبعدما بدا “باول” مصدومًا من التعليق، أشار إلى أن هذا الرقم يشمل تكلفة مبنى ثالث للفيدرالي تم تجديده قبل عدة سنوات وأعيد افتتاحه في 2021. لكن لم تتوقف الانتقادات ووصف الرئيس عملية التجديد بأنها تمثل وضعا مترفا للغاية وانتقد أنها تشمل حفرًا أسفل المبنى لتوفير مساحة للسيارات ومكاتب إضافية ومخازن، وبدا واضحا أن موظفي الفيدرالي قلقون بشأن كيفية رؤية “ترامب” حتى لأصغر التفاصيل. وبعد زيارته للفيدرالي، كتب “ترامب” على وسائل التواصل الاجتماعي أن تجاوزات التكاليف كبيرة، لكن أوضح أن الولايات المتحدة تستطيع تحمل أي شيء تقريبًا. |
قصر فرساي |
|
أطلق الجمهوريون على المشروع لقب “قصر فرساي”، واتهموا “باول” بالإشراف على مشروع مبالغ فيه يضم ميزات فاخرة، لكن تم نفي هذه الاتهامات من قبل البنك، وجادل “باول” بأن تجديد المباني التي يبلغ عمرها قرنًا من الزمان أمر طال انتظاره وضروري. ونفى “باول” ذلك قائلاً: لا توجد غرفة طعام لكبار الشخصيات، ولا مصاعد خاصة. |
عمليات التجديد المطلوبة |
|
يشمل المشروع تجديد مبنى “إكليس” و”كونستيتيوشن أفينيو” اللذين شيدا قبل حوالي 100 عام، المدرجين في سجلات المواقع التاريخية الوطنية، وهو ما يزيد من تعقيد عملية التجديد وتكلفتها. أشار “باول” إلى أن كلا المبنيين بحاجة لإصلاحات هيكلية كبيرة وتحديثات أخرى بما في ذلك إزالة الأسبستوس وتلوث الرصاص واستبدال كامل للأنظمة القديمة مثل الكهرباء والتدفئة والسباكة وتكييف الهواء بالإضافة إلى أنظمة الكشف عن الحرائق وإخمادها. وفقًا للخطط التي قدمها البنك للجنة التخطيط عام 2021، فإن المشروع يتضمن بناء مرأب سيارات مكون من ثلاثة طوابق أسفل أحد المبنيين، مع نفق لربطهما. |
تغييرات على الخطة |
|
أجرى البنك تغييرات على خططه استجابة لملاحظات اللجان الفيدرالية، على سبيل المثال أوصت لجنة الفنون الجميلة في 2020 باستخدام المزيد من الرخام ليتناسب بشكل أفضل مع المباني، بينما اقترح الفيدرالي في البداية استخدام المزيد من الزجاج في محاولة لتمثيل شفافية البنك المركزي. وبالفعل تم تعديل التصميم لإضافة المزيد من الرخام، مما عزز التكاليف. |
فوائد طويلة المدى |
|
أوضح البنك أن أعمال التجديد ستمكنه من توفير المال على المدى الطويل، من خلال تقليل الإنفاق على استئجار المساحات المكتبية في أماكن أخرى بواشنطن، وستجمع العديد من الموظفين بمقر مركزي واحد. ومن المقرر اكتمال تجديد مجمع الفيدرالي – الذي يعمل فيه حوالي 3 آلاف شخص – في 2027. |
الاستقلال المالي |
|
نظرًا لأن الفيدرالي يعتمد على التمويل الذاتي وبصورة كبيرة على دخل الفوائد من الأوراق المالية الحكومية التي يحتفظ بها، أشار بعض المنتقدين إلى أن مشروع التجديد يعكس كيف أن الاستقلال المالي الفريد الذي يتمتع به البنك المركزي مكنه من الإنفاق الباهظ. |
مع استمرار إدارة ترامب في انتقاد سياسة البنك المركزي، خاصة فيما يتعلق بأسعار الفائدة، ينتظر الجميع اجتماع الفيدرالي المرتقب
هذا الأسبوع، حيث من المتوقع أن يقرر تثبيت الفائدة. هذا القرار قد يزيد من حدة التوتر بين الجانبين، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة البنك على الحفاظ على استقلاليته في مواجهة الضغوط السياسية المتزايدة.
هل سيصمد الاحتياطي الفيدرالي في نهجه أم سيجابه بتنازلات أمام مطالب ترامب؟ هذه هي المعضلة التي يترقبها السوق والسياسيون على حد سواء في الأسابيع المقبلة.