اقتصاد المغربالأخبار

من الحلم إلى التنفيذ.. التحضيرات تتسارع لمشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا رغم التحديات

يعود مشروع النفق البحري الذي سيربط بين المغرب وإسبانيا إلى دائرة الاهتمام مجدداً، رغم التعقيدات الجيولوجية والزلزالية العالية الخطورة التي يفرضها مضيق جبل طارق.

فقد نقل موقع “afriquenligne” عن مصادر تقنية متخصصة تحذيرات من تحديات استثنائية، إذ يمتد النفق المقترح إلى عمق يقارب 475 متراً تحت سطح البحر، ما يجعله أعمق بكثير من نفق المانش، مع ضرورة اعتماد تجهيزات هندسية متطورة لمواجهة المخاطر الزلزالية المحتملة.

رغم هذه الصعوبات، يتقدم المشروع، الذي تتراوح تكلفته بين 6 و30 مليار يورو، بخطى ثابتة مدعوماً بشراكات فنية مع شركات عالمية رائدة، على رأسها الشركة الألمانية “Herrenknecht AG”، المتخصصة في تصنيع آلات حفر الأنفاق.

وتتمتع هذه الشركة بخبرة واسعة في تنفيذ مشاريع معقدة مثل مترو باريس ونفق برينر، حيث تعهدت بتوفير تكنولوجيا متقدمة قادرة على اختراق الصخور الصلبة والتكوينات الجيولوجية القاسية، مع الاستعداد لكافة السيناريوهات الزلزالية.

من جانبها، قامت شركة “Tekpam Ingeniería” الإسبانية بدراسة زلزالية معمقة كلفت نحو نصف مليون يورو، كشفت عن نقاط ضعف دقيقة في التكوينات الجيولوجية للمسار المحتمل، مما استدعى إعادة تقييم التصور التقني الأولي للمشروع.

ويستلزم الأمر اعتماد معدات حفر فائقة الأداء لتعمل بكفاءة في بيئة بحرية عميقة وظروف معقدة لم تعرفها مشاريع الأنفاق سابقاً.

يُعد ربط أوروبا بأفريقيا عبر خط سكة حديد بطول 40 كيلومتراً تحت مياه المضيق طموحاً جغرافياً واقتصادياً هائلاً.

لكن التحدي الأكبر يكمن في تأمين التمويل اللازم، خاصة مع التفاوت الكبير في تقديرات التكلفة التي تراوحت بين 6 و30 مليار يورو خلال العقود الثلاثة الماضية، تبعاً لخيارات تصميم المشروع ومستوى تعقيده.

ومن المتوقع أن يتم تمويل المشروع عبر شراكة بين الحكومتين المغربية والإسبانية، بالإضافة إلى مساهمات من القطاع الخاص ومؤسسات تمويل دولية.

ويؤكد الداعمون على أن المشروع سيكون استثماراً استراتيجياً يفتح آفاقاً اقتصادية كبيرة، مع قدرة تقديرية على نقل 13 مليون طن من البضائع و12.8 مليون مسافر سنوياً.

ولا يقتصر أثر المشروع على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل خلق آلاف فرص العمل خلال مراحل البناء والتشغيل، وتعزيز التبادل الثقافي والاندماج الإقليمي بين الضفتين.

وهو ما يعكس نقلة نوعية في العلاقات بين أوروبا وأفريقيا، من مجرد نقاط عبور تقليدية إلى بنية تحتية عصرية تحفز التنمية والربط الحضاري.

رغم غياب جدول زمني واضح لانطلاق أشغال النفق، إلا أن تحركات الشركات الفنية المتخصصة وتنظيم اللقاءات التقنية الثنائية تعكس إرادة سياسية جادة لتحويل هذا المشروع الضخم من فكرة رمزية إلى واقع هندسي ملموس يخدم مصالح الجانبين.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى