رغم ارتفاع نسبة الاستثمار.. لماذا يتباطأ النمو الاقتصادي في المغرب؟

رغم تخصيص المغرب نسبة مرتفعة من ناتجه المحلي الإجمالي للاستثمار تصل إلى نحو 30%، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 25.2%، إلا أن هذه الجهود الكبيرة لم تترجم في السنوات الأخيرة إلى تسارع ملموس في النمو الاقتصادي أو خلق فرص عمل كافية، على عكس ما شهدته البلاد خلال العقد الأول من الألفية.
وأرجع محمد التعموتي، مدير الدراسات الاقتصادية ببنك المغرب، هذا التناقض إلى مجموعة من التحديات الخارجية والداخلية، مثل التوترات الجيوسياسية المتزايدة وتكرار مواسم الجفاف، والتي أثرت سلبًا على فعالية الاستثمار في دفع عجلة النمو.
كشف التعموتي أن مردودية الاستثمار في المغرب بلغت متوسطًا قدره 9.8% بين عامي 2000 و2024، وهي نسبة أقل من معدل دول الدخل المتوسط والمنخفض (4.8%)، وأدنى أيضًا من المتوسط العالمي (6.1%).
كما أشار إلى تراجع العلاقة بين النمو وخلق فرص العمل، حيث انخفضت فرص العمل المولدة لكل نقطة نمو من 30,000 خلال العقد الأول من الألفية إلى 21,000 فقط في العقد التالي، مما ساهم في ارتفاع معدلات البطالة.
أوضح التعموتي أن الظروف المناخية الصعبة، خاصة في القطاع الفلاحي، أدت إلى فقدان العديد من فرص العمل دون تعويضها بفرص كافية في قطاعات أخرى، مما زاد من حدة مشكلة البطالة.
ومع ذلك، لاحظ تحسنًا في المؤشرات الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة (نهاية 2024 وبداية 2025)، معربًا عن تفاؤله بتحسن الوضع مستقبلًا.
أكد التعموتي أن تحقيق النمو المنشود وزيادة فرص التشغيل يتطلب بيئة مستقرة سياسيًا واقتصاديًا، وهو ما حققه المغرب بفضل سياساته المحكمة التي حافظت على الاستقرار المالي ومعدلات تضخم معتدلة.
لكنه أشار إلى ضرورة تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، خاصة عبر ميثاق الاستثمار الجديد، مع التركيز على دور القطاع الخاص في قيادة النمو وتخفيف الضغط على المالية العامة.
من بين التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد المغربي، أبرز التعموتي هشاشة النسيج الإنتاجي وانتشار المنافسة غير الشرعية من القطاع غير المهيكل، حيث ذكرت 22% من الشركات أن هذا القطاع يشكل عائقًا رئيسيًا أمامها في 2023، مقارنة بـ9.1% فقط في 2019.
أما فيما يخص الولوج إلى التمويل، فقد سجل تحسنًا ملحوظًا، حيث انخفضت نسبة الشركات التي تعتبر التمويل عائقًا أمامها إلى 2.5% في 2023، بعد أن كانت 4.3% في 2019 و9.8% في 2018.
رغم التحديات، يبقى المغرب قادرًا على تعزيز نموه الاقتصادي وخلق المزيد من فرص العمل إذا ما تم تعزيز الإصلاحات الهيكلية، وتحسين مناخ الأعمال، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار، مع معالجة معضلة القطاع غير المهيكل لضمان منافسة عادلة.