Bitget Banner
الأخباراقتصاد المغرب

تقرير دولي: المغرب بحاجة لخطوات عاجلة لتحقيق طموحاته في الاقتصاد الأزرق

أوضح تقرير جديد صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في يونيو 2025 أن الاقتصاد المحيطي شهد نموًا استثنائيًا بلغ 2.5 مرة خلال الفترة ما بين 1995 و2020، متفوقًا بذلك على معدل نمو الاقتصاد العالمي البالغ 1.9 مرة في الفترة نفسها.

هذا النمو الكبير يعكس فرصًا واعدة لدول مطلة على المحيطات مثل المغرب، الذي يتميز بموقع جغرافي استراتيجي على كل من الواجهتين الأطلسية والمتوسطية، ويجعل من الاقتصاد الأزرق جزءًا أساسيًا من طموحاته التنموية.

غير أن التقرير يُشير إلى أن المغرب لم ينخرط بعد بالقدر الكافي في النظام الدولي المتعدد الأطراف لحوكمة البحار.

ففي حين صادق المغرب على اتفاقية تدابير دولة الميناء لمحاربة الصيد غير القانوني (PSMA)، لا يزال خارج إطار اتفاقيتي دعم مصايد الأسماك (FSA) والتنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية (BBNJ).

هذا التأخر النسبي يضعه في موقع أقل قدرة على الاستفادة من المساعدات التقنية والمالية التي تتيحها هذه الاتفاقيات، مقارنة بدول مجاورة مثل إسبانيا والبرتغال اللتين صادقتا على جميع الاتفاقيات الثلاث.

يُحذر التقرير من أن هذا الوضع قد يحد من قدرة المغرب على النفاذ إلى الأسواق الكبرى، ويفوت عليه فرص التمويل المرتبطة بالاقتصاد الأزرق المستدام.

كما يشير إلى أن الانضمام لهذه الاتفاقيات يتطلب جهودًا قانونية وتقنية واسعة النطاق، وهو ما يفتح الباب أمام تقديم دعم دولي لتعزيز قدرات المغرب في مجالات المراقبة، جمع البيانات، وصياغة القوانين الملائمة.

تبرز أهمية الاقتصاد المحيطي من كونه مصدر رزق لنحو 600 مليون شخص حول العالم، مع توفيره حوالي 100 مليون فرصة عمل تتركز في مجالات مثل الصيد البحري، تربية الأحياء المائية، والسياحة الساحلية.

ويعتبر المغرب في موقع يؤهله للاستفادة من هذه الدينامية العالمية، مستندًا إلى موقعه البحري ومبادراته الوطنية الرامية إلى تثمين الموارد البحرية.

لكن التحديات المناخية والبيئية، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وتلوث المحيطات وتدهور التنوع البيولوجي، ما زالت تشكل تهديدات متنامية لهذا القطاع الحيوي.

وفيما يتعلق بالتجارة، سجّل الاقتصاد المحيطي العالمي في عام 2023 حجم تبادل قدره 2.2 تريليون دولار أمريكي، يتوزع بين 1.3 تريليون في قطاع الخدمات و900 مليار في السلع.

وتُعد السياحة البحرية المحرك الأبرز للخدمات بإيرادات بلغت 725 مليار دولار، تليها خدمات النقل البحري للبضائع (386 مليار دولار) ومعدات الموانئ والسفن (348 مليار دولار).

يُظهر التقرير أن معظم دول العالم – سواء المتقدمة أو النامية – تُحقق فائضًا في تجارة الخدمات المحيطية، لكنها تسجل عجزًا في تجارة السلع، باستثناء الدول الجزرية الصغيرة التي تتمكن من تحقيق فائض في القطاعين معًا.

يلفت التقرير أيضًا إلى المخاطر المرتبطة بالتعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة على واردات الأسماك، والتي تهدد اقتصادات تعتمد على السوق الأمريكية مثل المكسيك وكندا والبرازيل، مما يُبرز أهمية تنويع الأسواق والتعاون الدولي في مواجهة مثل هذه القيود.

واستعرض التقرير التحول الهيكلي المتسارع نحو الاستزراع المائي (تربية الأحياء المائية)، الذي تضاعف إنتاجه عالميًا من 22 مليون طن في تسعينيات القرن الماضي إلى 94 مليون طن في 2022، متجاوزًا بذلك الإنتاج البحري التقليدي.

يُمثل هذا التحول فرصة استراتيجية أمام المغرب، خاصة في مناطق مثل الداخلة والعرائش والحسيمة التي تزخر بمقومات طبيعية وبشرية واعدة.

على صعيد التمويل، يُشير التقرير إلى أن قيمة المساعدات الدولية المخصصة للمحيطات لم تتجاوز 2.4 مليار دولار في 2022، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالحاجة الفعلية.

ولتجاوز هذا النقص، تدعو الأونكتاد إلى إطلاق “صفقة زرقاء” عالمية بحجم 2.8 تريليون دولار، تُوجه نحو حماية واستعادة غابات المانغروف، خفض انبعاثات النقل البحري، دعم الإنتاج المستدام، واستغلال طاقة الرياح البحرية.

وفي الختام، يُبرز التقرير أن المغرب، بفضل موقعه البحري الفريد وطموحاته التنموية، يمتلك فرصًا واعدة للانخراط في هذا الاقتصاد المحيطي المزدهر.

لكن تحقيق هذه الإمكانات يتطلب تعزيز انخراطه في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وتطوير تشريعاته الوطنية، لضمان الاستفادة الكاملة من التحولات العالمية نحو اقتصاد بحري أكثر استدامة وعدلاً.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى