بحوافز ضريبية تصل لـ30%.. المغرب يعزز جاذبيته للاستثمارات الأجنبية والمحلية

أكد كريم زيدان، الوزير المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، في حوار مع صحيفة “إل إيكونوميستا” الإسبانية، على المكانة المتنامية للمغرب كوجهة استثمارية مرجعية في القارة الإفريقية ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأرجع الوزير هذا التطور إلى مزيج فريد من المقومات الهيكلية والإصلاحات الاستراتيجية الطموحة التي تم إرساؤها تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس.
وفي سياق التحولات الاقتصادية العالمية وظاهرة “النيرشورينغ” (إعادة توطين الإنتاج بالقرب من الأسواق الرئيسية)، أوضح زيدان أن المغرب ينظر إلى هذه الظاهرة كفرصة استراتيجية سانحة.
فالمملكة تتمتع بموقع جغرافي متميز على أعتاب أوروبا، واستقرار سياسي راسخ، وتكاليف تشغيلية تنافسية، بالإضافة إلى بنية تحتية متطورة، مما يجعلها شريكًا طبيعيًا لإعادة تشكيل سلاسل القيمة العالمية.
وشدد الوزير على أن الاستقرار السياسي والاقتصادي، والموقع الاستراتيجي كبوابة لإفريقيا وأوروبا، والبنية التحتية الحديثة والمتطورة، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط الحيوي وشبكة القطارات فائقة السرعة والمناطق الصناعية المتكاملة، تشكل أبرز نقاط القوة التي يرتكز عليها المغرب لجذب الاستثمارات.
وأشار إلى أن جودة البنية التحتية المغربية تضاهي، بل وتتفوق في بعض الجوانب، على مثيلاتها في العديد من الدول الأوروبية.
كما أكد على توفر إطار قانوني محفز للمستثمرين، وقوى عاملة شابة ومؤهلة، وشبكة واسعة من اتفاقيات التبادل الحر التي تتيح الوصول إلى سوق استهلاكية واسعة تضم أكثر من ملياري مستهلك.
وأوضح زيدان أن المغرب يوفر بيئة أعمال مستقرة وتنافسية، مدعومة بإرادة سياسية قوية تضع الاستثمار في صلب أولوياتها كرافعة أساسية للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
وفي معرض حديثه عن القطاعات ذات الأولوية للاستثمار، لفت الوزير إلى أن الاستراتيجية الوطنية تركز بشكل خاص على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، والقدرة التصديرية، وإمكانية إحداث فرص عمل مؤهلة، مثل صناعة السيارات والطيران والإلكترونيات والصناعات الغذائية والدوائية والنسيج، بالإضافة إلى قطاع الخدمات المرحّلة.
كما يتم إيلاء أهمية قصوى لقطاعات الطاقات المتجددة، وعلى رأسها الهيدروجين الأخضر، والرقمنة، وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الدائري.
وأكد على الأهمية المتزايدة لقطاعي السياحة والصناعات الثقافية والإبداعية، لما لهما من قدرة على خلق فرص العمل وتعزيز التنمية في مختلف الجهات، خاصة مع الاستعداد لاستضافة فعاليات رياضية كبرى مثل كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
وبخصوص الفرص المتاحة للمستثمرين الإسبان، خاصة في قطاعي السيارات والطاقة المتجددة، أوضح زيدان أن المغرب بات أول مُصدر للسيارات في القارة الإفريقية، ويضم منظومة صناعية متكاملة تشمل مجموعتي “رونو” و”ستيلانتيس” وأكثر من 250 مصنعًا عالميًا، مما يفتح آفاقًا واسعة للشركات الإسبانية في مجالات المكونات والخدمات التقنية والتكوين.
وفي قطاع الطاقات المتجددة، أكد على الإمكانات الهائلة التي يزخر بها المغرب في مجالي الطاقة الشمسية والريحية، وقيادته لاستراتيجية واضحة للانتقال الطاقي، حيث يحتل الهيدروجين الأخضر صدارة الأولويات، مشيرًا إلى تلقي السلطات لأكثر من 40 عرضًا لمشاريع كبرى في هذا المجال، تم اختيار سبعة منها مبدئيًا.
وفيما يتعلق بالإصلاحات الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال، أوضح الوزير أن المغرب اعتمد في أواخر عام 2022 ميثاقًا جديدًا للاستثمار، يشجع المشاريع التي تخلق فرص عمل وتستهدف المناطق الأقل نموًا، ويوفر حوافز تصل إلى 30% من قيمة الاستثمار. كما تم إنشاء هيكلة جديدة لحكامة الاستثمار تشمل وزارة الاستثمار، والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، والمراكز الجهوية للاستثمار، بالإضافة إلى تسريع وتيرة الرقمنة وتبسيط الإجراءات الإدارية.
وأشار إلى أن المغرب يقدم حوافز جبائية ومالية متنوعة، بما في ذلك الدعم المباشر للمشاريع حسب موقعها وطبيعتها، والإعفاءات الضريبية المؤقتة، ودعم التكوين المهني، وهي متاحة لجميع المستثمرين، مؤكدًا أن المغرب لا يكتفي بميزة التنافسية من حيث التكاليف، بل يقدم منظومة صناعية متكاملة وموارد بشرية مؤهلة، مما يعزز دوره كفاعل محوري في إعادة تشكيل الصناعة العالمية.
وأضاف أن المغرب يشهد اهتمامًا متزايدًا من الشركات الإسبانية والأوروبية الساعية لتأمين إنتاجها وتقليص سلاسل التوريد، خاصة في قطاعات السيارات والنسيج والصناعات الغذائية.
وفي سياق العلاقات مع الولايات المتحدة، أكد زيدان على أن المغرب هو البلد الإفريقي الوحيد الذي يرتبط باتفاقية تبادل حر مع واشنطن، مما يمنحه منفذًا تفضيليًا للسوق الأمريكية، وهي ميزة نادرة يتقاسمها مع الاتحاد الأوروبي أيضًا، مما يجعله منصة استراتيجية للإنتاج والتصدير نحو ضفتي الأطلسي ويعزز فرص الاستثمار الثلاثي.
وفي رده على التحديات التي تواجه المغرب في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، أوضح الوزير أن المملكة بحاجة إلى مواصلة تنويع اقتصادها ورفع القيمة المضافة، وتطوير الرقمنة، وتأهيل اليد العاملة في القطاعات الناشئة.
وفي ختام حديثه، وجه زيدان رسالة إلى المستثمرين الإسبان والأوروبيين، قائلًا: “مغرب اليوم هو وجهتكم الاستراتيجية الآمنة والمربحة. نحن لا نقدم فقط موقعًا جغرافيًا متميزًا، بل منظومة أعمال حديثة ومرنة في خدمة مستقبل مشترك. حان الوقت لتعزيز الشراكة بين ضفتي المتوسط، والبناء على ما تحقق من مكتسبات لترسيخ تعاون اقتصادي طويل الأمد”.