الاقتصادية

تحديات ومخاوف حول سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في مواجهة التضخم

يستهدف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الوصول إلى معدل تضخم سنوي قدره 2%، وهو الهدف المحوري الذي يوجه قراراته النقدية.

ومع ذلك، لا يزال هناك نقاش مستمر بين صناع السياسات بشأن العوامل التي يجب استبعادها عند قياس التضخم، خاصة منذ تبني هذا النهج في سبعينيات القرن الماضي.

يشير مفهوم “التضخم الأساسي” إلى مقاييس الأسعار التي يتم استبعاد العناصر المتقلبة مثل الغذاء والطاقة منها. يعتمد الفيدرالي على تحركات ما يُعرف بمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل لديه لتحديد التضخم.

و تم اعتماد هذا المقياس بعد أن شهدت الأسعار تقلبات حادة في أسعار الغذاء والطاقة منذ حوالي 50 عامًا، مما جعل المقاييس التقليدية للتضخم لا تعكس بشكل دقيق الاتجاهات العامة للأسعار.

في الماضي، كانت أسعار الغذاء تشهد تقلبات كبيرة، لكن الوضع تغير حالياً حيث أصبحت أسعار الغذاء أقل تقلباً، وأصبح تقلبها يعادل تقريباً ضعف تقلب التضخم العام. في المقابل، لا تزال أسعار الطاقة أكثر تقلباً بحوالي عشرة أضعاف.

دراسة أجراها بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي العام الماضي أوضحت أن أسعار المنتجات الغذائية في المتاجر لا تتأثر فقط بتقلبات أسعار المنتجات الزراعية، بل تتأثر أيضاً بعوامل أخرى مثل تكاليف المعالجة والتوزيع، بالإضافة إلى هوامش ربح تجار التجزئة.

بحث آخر من قبل اقتصاديي الاحتياطي الفيدرالي أظهر أن حركة سوق العمل كانت عاملاً رئيسياً في ارتفاع أسعار الغذاء في العام الماضي.

مما يشير إلى أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين تضخم أسعار الأغذية والتضخم العام، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأغذية المُصنعة كثيفة العمالة التي كانت المحرك الرئيسي للأسعار في عامي 2022 و2023.

يعد التركيز المفرط من قبل الفيدرالي على استبعاد أسعار الغذاء من المؤشرات المحددة لسياساته النقدية قد يهدد ثقة المستهلكين في قراراته.

فالأسر تعتبر أسعار المواد الغذائية من العوامل المؤثرة بشكل كبير على قدرتها الشرائية ورفاهيتها، وهو ما يتأثر بشكل مباشر بقرارات البنك المركزي.

في المقابل، تمكن بنك اليابان من تحسين إدارة توقعات المستهلكين بشأن التضخم من خلال الاعتماد على مؤشر أسعار يستثني فقط الأغذية الطازجة، مع إبقاء المواد الغذائية المُصنعة ضمن الحسابات.

هذا النهج سمح للبنك المركزي بالاستفادة من مؤشرات متنوعة تعكس مختلف الاتجاهات السعرية في السوق، مما أعطاه مرونة أكبر في اتخاذ قراراته النقدية.

وفقاً لجيف شميد، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، فإن التركيز على التضخم الأساسي بمفهومه الحالي قد أثر سلباً على سمعة الفيدرالي لدى المواطنين.

و في وقت كان فيه الرئيس دونالد ترامب ينتقد السياسات النقدية للبنك المركزي، واتهامه لها بأنها أحد أسباب ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، مما يعوق النمو الاقتصادي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى