الرسوم الجمركية في عهد ترامب: أداة سياسية أم خطر طويل الأمد؟

يفضل الرئيس الأمريكي ، “دونالد ترامب”، استخدام الرسوم الجمركية كأداة لتحقيق أهداف سياسية.
ورغم أن العديد من الاقتصادات العالمية تعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكية، فإن استخدام هذه الأداة ليس خاليًا من العواقب السلبية على الولايات المتحدة نفسها، خاصة مع الردود الانتقامية التي قد تتخذها الدول الأخرى. فإلى أي مدى تتأثر أمريكا بهذا النهج؟
خلال فترة رئاسة “ترامب”، قدم البيت الأبيض تبريرات متناقضة للرسوم الجمركية، بينما كانت واشنطن، تاريخيًا، تضع أهدافًا محددة لها فيما يتعلق بالتعريفات، حسبما أشار “دوغلاس إروين”، أستاذ الاقتصاد في كلية “دارتموث”.
المشكلة الحالية تكمن في عدم وضوح المطالب التي يجب أن تحققها الدول الأخرى كي يتم رفع هذه الرسوم.
على سبيل المثال، كانت الرسوم المفروضة في عهد الرئيس “ريجان” على أشباه الموصلات اليابانية تهدف إلى حماية التكنولوجيا الأمريكية من المنافسة الشرسة، بينما في عام 1971، أنهى الرئيس “نيكسون” الرسوم القصيرة المدى بعد أن وافقت ألمانيا الغربية واليابان على رفع قيمة عملتيهما.
في عام 2002، فرض الرئيس “جورج دبليو بوش” تعريفات على منتجات الصلب لمدة عامين، لكن آثار هذه الرسوم استمرت لفترة أطول. وفقًا لـ “ليديا كوكس”، أستاذة الاقتصاد في جامعة “ويسكونسن-ماديسون”، كانت آثار تلك الرسوم واسعة النطاق، واستمرت لعدة سنوات بعد إلغائها.
لم يسبق لأي من الرؤساء الأمريكيين أن ركز على الرسوم الجمركية كما فعل “ترامب”. التوترات التجارية في عهده شملت معظم القطاعات الاقتصادية، وتسببت في اضطراب الأسواق العالمية ورفع معدلات التضخم.
يخشى الاقتصاديون من أن سياسة “ترامب” في فرض الرسوم الجمركية قد تترك عواقب غير مقصودة قد تستمر حتى بعد مغادرته للبيت الأبيض. كما أشارت “كوس”، فإن هذه السياسة تمثل أكبر تحول في تاريخ سياسة الرسوم الجمركية في العصر الحديث.
بعض الحروب التجارية الأمريكية، مثل “ضريبة الدجاج” في أوائل الستينيات، استمرت لعقود. ففي تلك الفترة، فرضت الدول الأوروبية رسومًا على الدواجن الأمريكية، فرد الرئيس “ليندون جونسون” بتعريفات واسعة النطاق على عدة منتجات، من بينها شاحنات البيك آب التي كانت تُصنع في شركات مثل “فولكس فاجن”.
حاليًا، تعد التعريفات على شاحنات البيك آب من أبرز آثار “ضريبة الدجاج”، حيث ساهمت في دعم التصنيع المحلي لهذه المركبات، لكنها أيضًا قلصت الخيارات المتاحة للمستهلكين ورفعت الأسعار.
كانت التعريفات في الماضي مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الحكومية بين عامي 1798 و1913، حيث كانت تمثل بين 50% و90% من الدخل الفيدرالي.
ومع ذلك، على مدار السبعين عامًا الماضية، لم تساهم الرسوم الجمركية سوى بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 2% من الإيرادات الفيدرالية.
بينما تكون الحروب التجارية غالبًا قصيرة الأمد، فإن آثارها قد تستمر لفترة طويلة. ومن هنا تنبع المخاوف من أن الرسوم الجمركية التي فرضها “ترامب” قد تترك آثارًا غير متوقعة قد تمتد لسنوات بعد مغادرته للبيت الأبيض، حتى لو تم إلغاء بعضها بشكل سريع.