الاقتصادية

الموانئ المستدامة: دورها في مستقبل التجارة وحماية البيئة

تُعتبر الموانئ جزءًا أساسيًا من البنية التحتية الحيوية في العالم، إذ يبلغ عددها حوالي 17,000 ميناء وتلعب دورًا محوريًا في تسهيل حركة السلع والأفراد والخدمات.

و تتنوع هذه الموانئ ما بين مراكز تجارية ضخمة مليئة بالحاويات إلى محطات استقبال الركاب والمرافئ الصيدية، وجميعها أساسية في الاقتصاد العالمي.

تساهم الموانئ في نحو 80% من التجارة العالمية، مما يعكس أهميتها الكبيرة في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. ومع استمرار تطور حركة التجارة العالمية، تواجه موانئ المستقبل تحديات كبيرة تتمثل في التوازن بين الأهداف الاقتصادية وحماية البيئة.

تعاني الموانئ من ضغوط متزايدة بسبب التغيرات المناخية، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة ومنسوب سطح البحر، وزيادة وتيرة الظواهر الجوية الحادة.

و تُعد الموانئ، خصوصًا في الدول الجزرية النامية، الأكثر عرضة لتلك التغيرات بسبب مواقعها الجغرافية على الساحل.

ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، قد يرتفع منسوب سطح البحر بحلول عام 2100 بنحو 29 إلى 51 سنتيمترًا، مما قد يعرض موانئ حيوية مثل هيوستن وشنغهاي لخطر التوقف عن العمل.

لتفادي هذه المخاطر، من الضروري تبني منهجيات جديدة لإدارة الموانئ، مما يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية البرية مثل شبكات الطاقة والمجمعات الصناعية، لضمان استدامة عمليات الشحن وتقليل الأثر البيئي.

68150ee0 064d 428a 9aed 6b8cc117532c Detafour

مع تزايد الحاجة إلى تطوير موانئ جديدة، تبرز الفرصة لبناء موانئ لا تقتصر فوائدها على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تعمل أيضًا على حماية البيئة. يمكن للموانئ أن تصبح “إيجابية التأثير على الطبيعة” عبر تبني مبادئ التصميم الأخضر، واستعادة النظم البيئية المتضررة، واستخدام حلول قائمة على الطبيعة.

على سبيل المثال، أخذ ميناء داروين في أستراليا خطوات كبيرة نحو حماية البيئة من خلال تنفيذ خطة شاملة لإدارة التأثير البيئي وتقليل الأضرار الناتجة عن السفن القادمة.

كما أشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أهمية تبني نهج أكثر منهجية في تخطيط الموانئ لتقليل التأثير البيئي المرتبط بها، بما في ذلك الحفاظ على التنوع البيولوجي.

الموانئ لا تقتصر فقط على كونها محركات اقتصادية، بل هي جزء أساسي من النسيج الاجتماعي في المجتمعات المحيطة بها. فهي مصدر رئيسي للوظائف وتدعم الصناعات المحلية.

ومن أجل تعزيز الاستدامة في إدارة الموانئ، من الضروري تدريب العاملين في القطاع على ممارسات الاستدامة وحماية البيئة.

64d1adcc 5947 4d28 9ca3 db21c0081906 Detafour

تشير الدراسات إلى أن سوق البنية التحتية للموانئ سيشهد نموًا كبيرًا في السنوات القادمة، حيث يُتوقع أن ينمو من 164 مليار دولار في 2023 إلى 278 مليار دولار بحلول 2032.

ومن المنتظر أن توفر هذه المشاريع فرصًا كبيرة لتطوير بنية تحتية مستدامة لموانئ خالية من الكربون.

و يمكن للموانئ أن تلعب دورًا رئيسيًا في مواجهة تحديات تغير المناخ من خلال الاستثمار في تقنيات حديثة، مثل الوقود البديل والطاقة المتجددة.

مع تبني نهج إيجابي تجاه الطبيعة في تطوير الموانئ، يمكن أن تصبح نموذجًا عالميًا للنمو الاقتصادي المستدام والرعاية البيئية، مما يعزز مرونة البيئة المحلية وسلاسل التوريد العالمية.

إجمالًا، تمثل الموانئ فرصة فريدة للتكيف مع التحديات البيئية الحالية، من خلال اتخاذ خطوات جادة نحو الاستدامة وحماية الطبيعة، وبالتالي تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى