الاقتصادية

ترامب يغير قواعد اللعبة: من التهديدات إلى تنفيذ الرسوم الجمركية

منذ عودته إلى البيت الأبيض، أطلق الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” سلسلة من التهديدات بفرض تعريفات جمركية ضخمة على شركاء بلاده التجاريين، والتي عادةً ما كانت تنتهي بتوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة.

لكن هذه المرة، الوضع مختلف؛ حيث بدأ بالفعل فرض رسوم جمركية تؤثر على ما يقرب من 1.5 تريليون دولار من الواردات السنوية.

لطالما عبر “ترامب” عن تفضيله للرسوم الجمركية التي يرى أنها تعزز الاقتصاد الأمريكي وتزيد من التصنيع المحلي، فضلاً عن توليد إيرادات ضخمة للحكومة ومكافحة ممارسات التجارة غير العادلة.

رغم ذلك، اعتُبرت العديد من تهديداته مجرد وسيلة للضغط على الدول الأخرى للتفاوض، وليس سياسات يُتوقع تنفيذها فعلاً.

في يناير الماضي، كان من المقرر فرض الرسوم الجمركية للمرة الأولى، لكن تم تأجيلها بعد أن تعهدت المكسيك وكندا باتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة والاتجار بالمخدرات. لكن “ترامب” أكد في الأيام الأخيرة أنه لا مجال للتوصل إلى اتفاق لتجنب هذه التدابير هذه المرة.

fed33c6b 9ae7 4943 be10 2027b0e16822 Detafour

فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى تعريفات جديدة بنسبة 10% على السلع الصينية.

هذا إلى جانب الرسوم البالغة 10% التي كانت قد فرضتها في يناير، مما دفع كلاً من كندا والصين إلى اتخاذ تدابير انتقامية.

أوضح البيت الأبيض أن فشل المكسيك وكندا في مصادرة المخدرات أو التنسيق مع السلطات الأمريكية في هذا الشأن يشكل تهديدًا استثنائيًا لأمن الولايات المتحدة، مما يترك مصير اتفاقية التجارة التي تم التفاوض عليها في عهد “ترامب” غير مؤكّد.

تمثل هذه التحركات مرحلة جديدة في جهود “ترامب” لتعزيز مكانة أمريكا عالميًا، حيث يبدو أن الرئيس عازم على تنفيذ تهديداته المتكررة بتعديل العلاقات الاقتصادية العالمية لمواجهة ما يعتبره “تجارة غير متوازنة”.

تُرفع تلك الخطوة الرسوم الجمركية على الواردات إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1943، وفقًا لمختبر الميزانية بجامعة “ييل”. وستتسبب هذه الرسوم في تأثيرات كبيرة على الشركات التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية، كما ستزيد من حالة عدم اليقين التي تجعل من الصعب على الشركات تخطيط مستقبلها.

و إذا استمرت هذه الرسوم، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التضخم في الأشهر القادمة، مما قد يعزز خطر الركود التضخمي إذا تسببت الرسوم في إبطاء نمو الاقتصاد، وفقًا لما ذكره “مايكل فيرولي” كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي لدى “جي بي مورجان تشيس”.

قد يعيد فرض الرسوم تشكيل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، مما قد يلحق الضرر بالمصدرين الأمريكيين إذا تأثرت اقتصادات هذين البلدين. وفقًا لـ “جي بي مورجان”، فإن دخول كندا والمكسيك في ركود قد يؤدي إلى تباطؤ الصادرات الأمريكية إليهما.

أشار “ترامب” إلى إمكانية فرض المزيد من الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الرسوم المتبادلة التي من المقرر فرضها في أبريل على جميع شركاء أمريكا التجاريين الذين يفرضون رسومًا على المنتجات الأمريكية.

كما تدرس الإدارة فرض رسوم على السيارات وأشباه الموصلات والأدوية، إلى جانب فتح تحقيقات بشأن فرض تعريفات على واردات النحاس والأخشاب.

لقد تحوّل “ترامب” من استخدام التهديدات كأداة تفاوضية إلى تنفيذ فعلي للرسوم الجمركية، وهو ما يحمل مخاطر كبيرة، بما في ذلك زيادة التضخم وعدم اليقين الاقتصادي. كما قد يؤدي إلى إشعال حرب تجارية عالمية إذا ردّت الدول الأخرى بإجراءات انتقامية ضد أكبر اقتصاد في العالم.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى