المغرب في سباق مع الزمن..هل تتغلب الحكومة على شبح البطالة قبل فوات الأوان؟
تستمر أزمة البطالة في المغرب في تشكيل عبء ثقيل على الاقتصاد والمجتمع، حيث تزايدت المخاوف من تفاقم الوضع، خصوصًا بين فئة الشباب وحاملي الشهادات الجامعية.
وتشير الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى تزايد غير مسبوق في معدل البطالة، الذي بلغ 21.3% على الصعيد الوطني.
كما يظهر تفاوت كبير بين المناطق، إذ تجاوز المعدل 31.5% في بعض الجهات، مما يعكس فشل السياسات الحكومية في مواجهة هذا التحدي العميق.
في هذا السياق، حذر مستشارون برلمانيون من التداعيات الخطيرة لاستمرار ارتفاع البطالة، خاصة بين الشباب المتعلمين. وأكدوا أن ضعف التنسيق بين السياسات القطاعية يزيد من تعقيد الأزمة.
ودعوا إلى إعادة هيكلة شاملة لبرامج التشغيل وتعزيز الدعم للمشاريع الذاتية كحل عملي لخلق فرص عمل مستدامة.
من جانبه، وصف رئيس الفريق الحركي في مجلس المستشارين، امبارك السباعي، وضع سوق العمل بالمقلق، مشيرًا إلى أن ارتفاع معدلات البطالة يثير تساؤلات حول فعالية الاستراتيجيات الحكومية في معالجة هذه القضية.
وأكد السباعي أن المشكلة لا تقتصر على نقص الفرص، بل تمتد أيضًا إلى عجز الحكومة عن الحفاظ على الوظائف الموجودة، خاصة بعد فقدان الاقتصاد الوطني لعدد كبير من المناصب خلال السنوات الأخيرة.
وأشار السباعي إلى تأثيرات جائحة كورونا التي تسببت في فقدان ثلاثة ملايين فرصة عمل، بالإضافة إلى فقدان 300 ألف فرصة أخرى نتيجة للظروف المناخية القاسية وسوء تأثير السياسات الفلاحية.
وتساءل عن إمكانية تحقيق هدف خلق مليون ونصف مليون منصب شغل في ظل هذه التحديات المستمرة.
وفي إطار تقديم حلول، اقترح السباعي عدة تدابير لتخفيف حدة البطالة، من أبرزها تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات في القطاعات القادرة على توفير وظائف مستدامة، مثل الصناعة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحديثة.
كما شدد على أهمية توزيع الاستثمارات العمومية بشكل عادل بين الجهات، وتحفيز المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل الأساس للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى تبني سياسات تشغيل دائمة بدلاً من الاعتماد على برامج مؤقتة مثل “أوراش” و”فرصة”، التي لم تحقق الأثر المطلوب.
من جهته، اعترف وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، بخطورة الوضع، مؤكداً أن البطالة أصبحت “ظاهرة تقلق الجميع”.
وأوضح أن الحكومة تعمل منذ عدة أشهر على تنفيذ إجراءات جديدة بتكلفة 14 مليار درهم، تشمل تحسين خدمات الوساطة عبر الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، التي تواجه صعوبات في أداء مهامها.
كما أشار السكوري إلى أن حوالي 910 آلاف شخص من العاطلين عن العمل لا يحملون أي شهادة أو دبلوم، ما يتطلب استراتيجيات شاملة لدمج هذه الفئة في سوق العمل.
وتحدث السكوري أيضًا عن مشاريع مستقبلية بقيمة مليار درهم لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي تشغل حوالي 75% من اليد العاملة، مؤكدًا أن السياسات الحكومية السابقة لم تمنح هذا القطاع الاهتمام الكافي.
ومع ذلك، يظل العديد من المراقبين متشككين في قدرة هذه التدابير على تحقيق نتائج حقيقية، خاصة في ظل غياب رؤية شاملة تربط السياسات الاقتصادية والاجتماعية ضمن استراتيجية موحدة.
وبينما تسعى الحكومة إلى تنفيذ مشاريع وخطط، يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه الوعود إلى واقع ملموس يعود بالفائدة على الشباب العاطلين عن العمل ويعيد الأمل لمن فقدوا وظائفهم بسبب الأزمات المتتالية.