هل يتمكن المغرب من الحفاظ على ريادته في الهيدروجين الأخضر في ظل التحديات العالمية؟
شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالهيدروجين الأخضر كأحد الحلول المستقبلية في مجال الطاقة المتجددة، وهو ما يعكس السعي العالمي للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتحول نحو مصادر طاقة أكثر استدامة.
و يعتبر المغرب من بين الدول التي تراهن على إمكانياتها الطبيعية الكبيرة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتصبح مركزًا عالميًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
ومع ذلك، يواجه هذا القطاع تحديات قد تؤثر على قدرة المغرب في الحفاظ على موقعه كمنافس عالمي في هذا المجال.
في هذا السياق، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أنه “لن يتم دعم مشاريع الهيدروجين الأخضر في المغرب إلا إذا ثبتت قدرتها الاقتصادية على توفير هذا المورد بأسعار تنافسية في الأسواق العالمية”.
وخلال تصريحها أمام لجنة برلمانية حول الاستراتيجية الوطنية للطاقة، أوضحت بنعلي أن 12 مشروعًا حاليًا قيد التقييم لاستفادة من تخصيص الأراضي المخصصة لهذا المجال ضمن “العرض المغربي” الذي تم إطلاقه في عام 2022.
وقد بدأ تنفيذ بعض هذه المشاريع، فيما تم تخصيص أراضٍ تتراوح مساحتها بين 100 إلى 300 كيلومتر مربع من إجمالي مليون هكتار توفرها الدولة.
من جهته، يرى الخبير الطاقي أمين بنونة أن المغرب لن يتخلى عن تطوير الهيدروجين الأخضر، خاصة أن المكتب الشريف للفوسفاط يعتمد بشكل أساسي على إنتاج الأمونيا عبر دمج الهيدروجين الأخضر مع النيتروجين.
ويضيف بنونة أنه بحلول عام 2031، سيحتاج المكتب إلى إنتاج مليون طن من الأمونياك الأخضر، ما يتطلب حوالي 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر.
ويشدد على أن هذا الطلب سيظل قائمًا، داعيًا إلى تسريع الإنتاج العالمي للهيدروجين الأخضر لخفض تكاليفه.
أما الخبير الاقتصادي بدر الأزرق فيرى أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية للطاقة المتجددة، مثل محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى إنشاء محطات لتحلية المياه باستخدام الكهرباء.
وفي ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، قد تواجه الحكومة ضغوطًا مالية قد تدفعها إلى إعادة تقييم أولوياتها في هذا القطاع.
كما أشار الأزرق إلى أن النجاح في هذا المجال يتطلب تمويلًا كبيرًا لتطوير التكنولوجيا وتوسيع المشاريع. وفي حال عدم توفير الدعم المالي الكافي من الشركاء الدوليين أو الشركات الخاصة، قد تواجه الحكومة صعوبة في مواصلة خططها الطموحة.
ورغم الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها المغرب في مجالات الطاقة المتجددة، إلا أن التقنيات اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل فعّال ما تزال في مراحلها الأولى، ما قد يستدعي وقتًا طويلًا لتقليص التكاليف وتحسين الكفاءة.
إذا لم تتمكن الحكومة من تجاوز هذه التحديات التقنية بسرعة، فقد تفقد قدرتها على المنافسة في السوق العالمية، خصوصًا مع تقدم بعض الدول الأخرى في هذا المجال.