اقتصاد المغرب

من هي مجموعة إيكواس ؟ ولماذا المغرب مصمم على الإنضمام إليها؟

تعد مجموعة إيكواس (ECOWAS)، التي تعني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، إحدى الهيئات الإقليمية الرائدة في القارة الأفريقية، حيث تضم المنظمة 15 دولة من غرب أفريقيا. تأسست المجموعة في 28 مايو 1975 بغرض تعزيز التعاون الاقتصادي والتكامل بين الدول الأعضاء.

تهدف مجموعة إيكواس إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال تعزيز الشراكة والتعاون الإقليمي، وتعزيز الاستقرار السياسي في المنطقة، وتعزيز التكامل الاقتصادي والنقدي، وتشجيع التنمية الاجتماعية والثقافية.

و كان المغرب قد تقدم بطلب الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS-الإيكواس) في فبراير 2017 لكن طلبه تعطل لاعتبارات جيو-سياسية وقانونية وسياسية وبسبب معارضة شرسة من قبل جهات فاعلة وقوية وحمائية اقتصاديا في منطقة غرب إفريقيا، حيث ترى نيجيريا أن مسعى المغرب للانضمام إلى المجموعة هو بمثابة تهديد لتأثيرها على منطقة غرب إفريقيا فهي تعتبر القوة المهيمنة الفعلية في هذه المنطقة.

كما أحيى طلب المغرب التوترات القائمة داخل الإيكواس بين الدول الناطقة باللغة الفرنسية وتلك الناطقة باللغة الإنجليزية إذ أن هذه الأخيرة غير راضية عن موقف المغرب اتجاه قضية الصحراء المغربية باعتبار انضمام المغرب لهذا التكتل الاقتصادي والسياسي يتطلب تغيير معاهدات الإيكواس وفتح حدود أعضائها أمام حرية حركة العمالة وتغيير العملة ظاهريًا.

لكن مسعى المغرب هذا لم يكلل بالنجاح حتى الآن وذلك بسبب تخوف الأطراف الفاعلة اقتصاديا في منطقة غرب إفريقيا من أن البضائع المستوردة عن طريق اتفاقيات المغرب الخاصة بالتجارة الحرة مع أوروبا أو أي جهة أخرى من شأنها إغراق أسواقهم بهذه البضائع مما سيؤدي إلى منافسة غير مشروعة ضدهم. كما أنهم يرغبون في الحفاظ على التعريفات الجمركية على البضائع المستوردة لأنها تمثل جزءًا كبيرًا من دخل الحكومة.

ونتيجة لهذا الجمود، فقد حاول المغرب الاقتراب أكثر من الكتلة الجهوية سياسيا من خلال جهود الترافع في المجالين الأمني والاقتصادي عن طريق توسيع استثماراته الأجنبية المباشرة في المنطقة بالإضافة إلى الدبلوماسية الدينية.

وعلى الرغم من جهود المغرب في هذا الصدد، إلا أن العضوية الكاملة قد تستغرق وقتًا أكثر مما هو متوقع بل قد لا تحدث أبدًا حيث تقف الاعتبارات الاقتصادية والسياسية في طريق الحصول على عضوية كاملة، ذلك أن الجهات الفاعلة في منطقة غرب إفريقيا تجعل من المفاوضات الإضافية أمرا أكثر تعقيدًا.

الدول الأعضاء الحاليون في منظمة الإيكواس بمنطقة غرب إفريقيا

Fig 1 Detafour

أراد المغرب الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والحصول على عضوية كاملة فيها منذ عام 2013 ، حيث وجه الملك محمد السادس رسالة إلى قمة رؤساء المجموعة الاقتصادية الثانية والأربعين لدول غرب إفريقيا “إيكواس” المنعقدة في ياموسوكرو في ساحل العاج وأبلغهم أن المغرب يود أن يرى وضعه (المراقب) .

وبالرغم من منح المغرب الموافقة على العضوية من حيث “المبدأ” في الرابع من يونيو 2017 في قمة مونروفيا إلا أن المغرب لم يحصل بعد على العضوية الكاملة إلى حدود أوائل عام 2020. ففي ماي 2018، أعلن رئيس مفوضية إيكواس جان كلاودي كاسي برو أن “رؤساء الدول سيتخذون قرارًا نهائيا (بشأن عضوية المغرب) بعد استكمال دراسة معمقة للتقرير المرحلي والذي يجري العمل عليه حاليًا.

لكن التقرير لم ينشر والقرار النهائي لم يصدر حتى الآن، هذا إضافة إلى أن مسألة عضوية المغرب قد غابت تماما من جدول أعمال القمتين الأخيرتين لمجموعة الإيكواس في يوليوز وفي دجنبر2019.

لقد تأثر طلب المغرب للانضمام في الإيكواس بهذه التوترات التاريخية كما ويُنظر إليه باعتباره لاعباً أساسيًا سيعمل على تعزيز العلاقات داخل تكتل الدار البيضاء ومنافسا للقيادة النيجيرية داخل منظمة الإيكواس، في حين لا تزال قضية الصحراء المغربية تمثل عقبة رئيسية أمام انضمام المغرب إلى هذا التكتل الجهوي حيث ما زالت البلدان الناطقة بالإنجليزية تشكك بشكل خاص في موقف المغرب من هذه القضية..

ومن منظور جيوسياسي وسوسيوسياسي، فإن قضية الصحراء المغربية هي بمثابة الشوكة في حلق الجانب المغربي فيما يتعلق بطلبه للعضوية، في حين ترى نيجيريا، من وجهة نظر إيديولوجية، أن سيطرة المغرب على الصحراء المغربية بحكم الأمر الواقع تشكل إحدى البقايا من فترة الاستعمار.

وعلى الرغم من التقارب السياسي الذي شهدته العلاقات بين المغرب ونيجيريا مؤخراً، إلا أن هذا لم يغير وجهة النظر النيجيرية إلى حد كبير فيما يتعلق بهذه القضية، فقد قام الملك محمد السادس في دجنبر 2016 بزيارة نيجيريا وفي عام 2018 وقّع على اتفاقية لإنشاء خط أنابيب للغاز عبر منطقة غرب إفريقيا لتزويد المغرب وأوروبا مساهمًا بذلك في تحسين العلاقات بين البلدين التي كانت مجمدة تقريبًا قبل ذلك، ومع ذلك فإن نيجيريا لا تزال تعترف بالجمهورية الوهمية , ولا يزال السياسيون والمثقفون والمجتمع المدني في نيجيريا ينظرون إلى المغرب على أنه دولة استعمارية.

صادرات المغرب إلى دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (2000 – 2017)

Fig 2 Detafour

بناءً على ما تقدم فإن مصالح الاقتصاد المغربي في دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تكمن في زيادة التعاون التجاري مع دول المنطقة حيث يبقى الميزان التجاري لصالح المغرب.

ومع ذلك فإن صادرات المغرب تُمثل نسبة 3.8% فقط من تكتل إجمالي الوارداتمما يعني وجود حيز كبير للمغرب للتوّسع داخل دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

وفي الوقت نفسه، عملت الدبلوماسية المغربية على توثيق العلاقات على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. فعلى سبيل المثال ترافع المغرب أمام الدول الإفريقية للموافقة على مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ومهد الطريق لإعادة الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي .

كما تبوأ المغرب مكانته باعتباره ذا دور رئيسي في الدبلوماسية الدينية ومكافحة التطرّف من خلال تدريب الأئمة وعلماء الدين الأفارقة في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة. حيث زادت هذه السياسة من قوة إقناع للمغرب للمنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، قدم المغرب منحا دراسية للطلاب الأفارقة للقدوم والدراسة في المغرب حيث يُقدر عدد المنح الممنوحة لطلاب إفريقيا جنوب الصحراء بنحو 10000 منحة من أصل 20.500 طالبًا يدرسون حاليًا داخل البلاد , وفي المقابل يُصبح المستفيدون من هذه المنح الدراسية بدورهم مناصرين للمغرب ضمن طبقات النخبة في أوطانهم.

ويُمكن القول بأن سياسة توفير المنح الدراسية للطلاب المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء تُمثل أكثر السياسات استدامة والأطول أمدًا والتي يتبعها المغرب في الوقت الحالي، فعندما يدرس الطلاب الأفارقة في المغرب ويقيمون فيه فإنهم يرسمون صورة وانطباعًا إيجابيين عن البلد ويرتبطون أكثر بثقافته وينشئون علاقات محلية مع مواطنيه، ولذلك فإنهم بمجرد عودتهم إلى بلدانهم يدركون الوضع المغربي بصورة أفضل ويتصرفون بمثابة سفراء غير رسميين للمملكة وفي بعض الحالات يتبنون سياسات مؤيدة لها.

وعلى هذا النحو، يُصبح التعليم مصدرًا آخر لقوة المغرب الإقناعية في القارة الإفريقية.

و يمكن للمغرب أن يعمل على تعزيز علاقاته مع البلدان الناطقة باللغة الانجليزية في منظمة الإيكواس وأن يدعم الرفع من مستوى تبادل الموارد البشرية والخبرات، ولا سيما في المجالات الثقافية والتعليمية، وذلك من أجل تحقيق اندماج أفقي أكبر بين الشعوب، وهو ما من شأنه المساعدة في دعم وترسيخ فكرة أن المغرب يمثل أيضا جزءًا لا يتجزأ من دول غرب إفريقيا.

علاوة على ذلك، يمكن للمغرب التركيز على تجارة نوع محدد من السلع والتي يتمتع فيها بميزة نسبية. لقد أثبت هذا النوع من المقاربات جدواه في التعامل مع الكيانات فوق الوطنية مثل تركيز الاتحاد الأوروبي على مادتي الفحم والصلب في سنواته الأولى.

بهذه الطريقة يمكن للمغرب أن ينتقل بتعقل وتؤدة من الاندماج الاقتصادي إلى اندماج سياسي أكثر تماسكا وترابطا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى