ماهي شريحة إنفيديا H100 التي قفزت بأسهم الذكاء الاصطناعي؟
لا يُنتظر من أجزاء الكمبيوتر عادة أن تحدث تحولاً في قطاعات وشركات كاملة، غير أن وحدة معالجة الرسوم التي طرحتها شركة “إنفيديا” في الأسواق العام الماضي فعلت ذلك بالتحديد. فقد أضاف معالج مركز البيانات “إتش 100” (H100) ما يزيد على تريليون دولار إلى قيمة شركة “إنفيديا”.
وبين ليلة وضحاها، حول ذلك الشركة إلى صانعة الملوك وصاحبة النفوذ الأكبر في مجال الذكاء الاصطناعي. وبرهن أمام المستثمرين على أن الضوضاء التي تحيط بقطاع الذكاء الاصطناعي التوليدي تترجم نفسها إلى إيرادات حقيقية، على الأقل بالنسبة إلى “إنفيديا” وأهم مورديها. وارتفع الطلب على معالج “H100” لدرجة أنه اضطر بعض عملاء الشركة إلى الانتظار حتى 6 أشهر قبل الاستلام.
1- ماهي شريحة “H100″؟
يشير اسم شريحة “H100” إلى واحد من رواد علوم الحاسب هو غراس هوبر، وهي عبارة عن معالج للرسوم والصور من نسخة أقوى من تلك الشريحة الموجودة عادة في أجهزة سطح المكتب، وتمنح اللاعبين أعلى درجة من الواقعية في التجربة البصرية. كما أن هذه الشريحة أعدت لمعالجة كمية هائلة من البيانات، وإجراء العمليات عليها بسرعة هائلة، حتى أصبحت مناسبة تماماً للاضطلاع بمهمة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى كمية هائلة من الطاقة.
تصدرت شركة “إنفيديا”، التي تأسست في 1993، ريادة هذه السوق بأن ضخت استثمارات يعود تاريخها إلى عشرين عاماً، مراهنة على أن قدرة الرقائق على إجراء المعالجة بالتوازي ستجعل من شرائحها ذات يوم قطعاً عالية القيمة في تطبيقات أخرى خارج قطاع الألعاب.
2- بماذا تمتاز شريحة “H100” على غيرها؟
تتعلم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي إنجاز المهام، مثل ترجمة النصوص أو تلخيص التقارير أو تركيب وتكوين الصور، عبر التدريب على كميات ضخمة من المواد الموجودة من قبل. وبقدر زيادة كمية هذه المواد التي تتوفر لتلك التطبيقات، تصبح أفضل من غيرها في مهارات مثل التعرف على اللغة البشرية أو كتابة خطابات التقدم للوظائف. وهي تتطور عبر أسلوب التجربة والخطأ، وتجري مليارات المحاولات حتى تبلغ حد الإتقان، وفي سبيلها إلى ذلك تستهلك قدراً هائلاً من طاقة الحوسبة.
تقول شركة “إنفيديا” إن سرعة شريحة “H100” تعادل 4 أضعاف سرعة الشريحة السابقة، “A100″، في تدريب ما يسمى بالنماذج اللغوية الكبيرة (LLM)، و30 ضعف سرعتها في الاستجابة لأوامر المستخدم. هذه الميزة قد تكون شديدة الأهمية عند الشركات التي تتنافس على تدريب النماذج اللغوية الكبيرة على القيام بمهام جديدة.
3- كيف أصبحت “إنفيديا” رائدة في الذكاء الاصطناعي؟
شركة “إنفيديا”، التي يقع مقرها في مدينة سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، هي أبرز شركة في مجال الرقائق الرسومية على مستوى العالم، وهي الرقائق المسؤولة في أجهزة الكمبيوتر عن توليد الصور التي تراها على الشاشة. وأقوى تلك الرقائق هي تلك التي صنعت وفيها المئات من الأنوية أو مراكز المعالجة التي تقوم بتشغيل العديد من العمليات والبرامج على جهاز الكمبيوتر بشكل متزامن، محاكية الفيزياء المعقدة مثل الظلال والانعكاسات.
أدرك مهندسو “إنفيديا” منذ مطلع القرن الحالي أنهم يستطيعون إعادة تهيئة مسرعات الرسوم والصور حتى تعمل على تطبيقات أخرى، عبر تقسيم المهام إلى وحدات وعمليات أصغر وأبسط، ثم العمل على إنجازها على التوازي بشكل متزامن. وقبل عقد واحد فقط، اكتشف الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي أن بحوثهم قد تتحول إلى أفكار عملية أخيراً باستخدام هذا النوع من الرقائق.
4- هل تواجه “إنفيديا” أي منافسة حقيقية؟
تسيطر “إنفيديا” على نحو 80% من سوق المسرعات في مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي التي تديرها خدمات الحوسبة السحابية مثل “أمازون ويب سيرفيسز” (AWS) التابعة لشركة “أمازون”، و “غوغل كلاود” التابعة لـ”ألفابت”، وخدمة “آزور” التابعة لـ”مايكروسوفت”. وتبذل تلك الشركات جهوداً ذاتية ترمي إلى صناعة رقائق خاصة بها، ومنافسة منتجات شركات صناعة الرقائق مثل “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (AMD) و”إنتل”. غير أن تلك الجهود لم تترك بصمة في سوق مسرعات الذكاء الاصطناعي حتى الآن.
5- كيف تستمر “إنفيديا” في تقدمها على منافسيها؟
تعمل “إنفيديا” على تحديث منتجاتها، بما فيها تطوير برمجيات تدعم أجهزتها، بوتيرة لم تستطع أي شركة أخرى مواكبتها حتى الآن. وأعدت الشركة أيضاً أنظمة متنوعة بمجموعة من المنتجات التي تساعد العملاء على شراء شرائح “H100” بالجملة واستخدامها بسرعة.
بعض المعالجات الدقيقة مثل معالج “زيون” (Xeon) الذي تنتجه شركة “إنتل” تمتاز بالقدرة على معالجة بيانات أكثر تعقيداً، غير أنها تحتوي على أنوية أقل عدداً وسرعتها أقل كثيراً عند العمل على جبال من المعلومات التي تستخدم عادة في تدريب تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
حققت وحدة مركز البيانات التابعة لـ”إنفيديا” نمواً بنسبة 81% في إيراداتها مسجلة 22 مليار دولار في الربع الأخير من عام2023.
6- ما هو موقف “AMD” و”إنتل” بالمقارنة مع “إنفيديا”؟
تحتل “أدفانسد مايكرو دفايسز” (AMD) المركز الثاني بين أكبر شركات صناعة رقائق معالجة الرسوم في العالم. وقد طرحت الشركة في يونيو الماضي نسخة من معالج “إنستينكت” (Instinct) تستهدف بها السوق التي تهيمن عليها منتجات “إنفيديا”. هذا المعالج الذي يحمل اسم “MI300X” يمتاز بذاكرة أكبر للتعامل مع الأعباء الثقيلة الخاصة بالذكاء الصناعي التوليدي، بحسب تصريحات الرئيسة التنفيذية لشركة (AMD) ليزا سو أمام الحضور في مؤتمر بسان فرانسيسكو في ديسمبر. وقالت سو: “إننا مانزال في المراحل المبكرة جداً في دورة حياة الذكاء الاصطناعي”.
تنتج شركة “إنتل” رقائق خاصة بأنشطة الذكاء الاصطناعي وتطرحها في السوق، غير أنها اعترفت بأن الطلب، في الوقت الحالي، على الرقائق الرسومية لمراكز البيانات ينمو بمعدلات أسرع من الطلب على وحدات المعالجة التي كانت تقليدياً نقطة قوتها.
لا تتميز “إنفيديا” فقط في كفاءة وأداء منتجاتها الصلبة، إذ أن الشركة ابتكرت لغة تسمى “كودا” (CUDA)، وهي لغة خاصة برقائق المعالجة الرسومية التي تنتجها تسمح ببرمجتها خصيصاً على نوعية العمل الذي تضطلع به برامج الذكاء الاصطناعي.
7- ما هو المنتج التالي الذي تعتزم “إنفيديا” إطلاقه؟
في وقت لاحق من العام الجاري، سوف تسلم شريحة “H100” الشعلة للشريحة التالية، “H200″، وذلك قبل أن تدخل الشركة تغييرات جوهرية على تصميماتها بشريحة “B100” مستقبلاً.
كما يلعب الرئيس التنفيذي للشركة، جنسن هوانغ، دور سفير هذه التكنولوجيا ويسعى لإقناع الحكومات وكذلك الشركات الخاصة بالمسارعة إلى شرائها، حتى لا تتخلف عن ركب من يستخدمون الذكاء الاصطناعي ويتبنونه.
كذلك تعلم شركة “إنفيديا” أنه إذا ما اختار العملاء تقنيتها لاستخدامها في مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي، فستكون الأوضاع ميسرة كثيراً بالنسبة لها حتى تبيع لهم تحديث منتجاتها مقارنة بالشركات المنافسة التي تأمل في جذب المستخدمين إلى منتجاتها.