الاقتصادية

قانون دعم صناعة الرقائق: التحديات المستقبلية في ظل إدارة “بايدن” والمخاوف من “ترامب”

في غشت 2022، أقرّت إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” قانون “الرقائق والعلوم” بهدف تعزيز صناعة أشباه الموصلات داخل الولايات المتحدة، في خطوة استراتيجية لردم الفجوة التي نشأت بعد تفوق أسواق آسيا في هذا المجال، سواء من حيث حجم التصنيع أو القدرة على إنتاج رقائق متقدمة تدعم تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي.

ورغم تفوق الشركات الأمريكية في مجال تصميم الرقائق المتقدمة، إلا أنها تواجه منافسة شرسة من شركات مثل “آرم” البريطانية التابعة لمجموعة “سوفت بنك” اليابانية، وتفوق شركات كورية مثل “سامسونج” و”إس كيه هاينكس” في صناعة رقائق الذاكرة.

كما أن الشركات التايوانية، مثل “تي إس إم سي”، تواصل تطوير تقنيات إنتاج متقدمة لصالح الشركات الأخرى، مما يعزز هيمنتها في هذا القطاع الحيوي.

ويشير تقرير مجلس العلاقات الدولية الأمريكي إلى أن حصة الولايات المتحدة من الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات تراجعت إلى حوالي 12% اليوم مقارنة بنحو 40% في تسعينيات القرن الماضي.

في هذا السياق، سعت إدارة “بايدن” إلى إقرار قانون “الرقائق والتكنولوجيا” في البرلمان بأغلبية من الحزبين، وهو ما يعكس توافقًا أمريكيًا عريضًا لإعادة توطين صناعة أشباه الموصلات في البلاد.

ومع ذلك، قد تشهد هذه السياسات تحولًا كبيرًا في حال فوز “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية القادمة. حيث سبق له أن وصف هذا القانون بأنه “سيئ للغاية”، قائلًا إنه لا يخدم سوى الشركات الغنية التي تستفيد من تمويلات الدولة لبناء مصانع في الولايات المتحدة.

1146b01a f31a 4b70 8ede a895efc597d3 Detafour

ورأى “ترامب” أن فرض رسوم جمركية على الواردات سيحقق نفس النتيجة دون تكاليف على أمريكا.

هذه التوجهات المناهضة للقانون أثارت تساؤلات حول مصير البرامج الحالية التي دعمتها إدارة “بايدن”، والتي خصصت حتى الآن 39 مليار دولار من المنح للمصانع المحلية.

وتوقع “مايك جونسون” رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب أن يتم إلغاء هذا القانون في حال فوز “ترامب” بولاية ثانية.

من جهة أخرى، يمكن أن تتأثر سياسات دعم تايوان في ظل الإدارة الجمهورية الجديدة. فقد يميل “ترامب” إلى تبني سياسات أكثر تقليصًا لدعم الشركات التايوانية مثل “تي إس إم سي”، التي تتمتع بتفوق تكنولوجي في مجال الرقائق المتقدمة.

ومع ذلك، قد تلتزم الإدارة الجمهورية بتعديل بعض بنود القانون بدلاً من إلغائه بالكامل، لتتوافق مع سياسة “ترامب” الحمائية المتمثلة في “جعل أمريكا عظيمة مجددًا”.

2197c864 2711 4dd3 b5b6 c355e3be33cf Detafour

وقد أكد “كريس ميلر” مؤلف كتاب “حرب الرقائق” أن سياسات تحفيز الاستثمار في قطاع الرقائق لن تتأثر بشكل كبير بتغيير الإدارة، مشيرًا إلى أن “ترامب” قد يسعى لتعديل طريقة تطبيق القانون بدلاً من التراجع عنه.

أما على مستوى السياسة الداخلية، فإن “ترامب” قد يسعى لتقليص بعض الجوانب الاجتماعية والبيئية المرتبطة بالقانون، مثل اشتراطات رعاية الأطفال والحد من الآثار البيئية للمصانع، وهو ما يمكن أن يتغير في حال سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، خاصة بعد الانتخابات التي لم تُحسم نتائجها بعد.

إذن، رغم الاتفاق بين الحزبين على أهمية دعم صناعة الرقائق في الولايات المتحدة، تظل السياسات المستقبلية لهذا القطاع معقدة وتخضع لتأثيرات الانتخابات المقبلة ووجهات النظر المتباينة بين الإدارة الديمقراطية الحالية والإدارة الجمهورية المحتملة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى