توقعات مربحة للشركات الألمانية رغم التحديات الاقتصادية والسياسية في 2025
في ظل أجواء مشحونة بالتحديات السياسية والاقتصادية، تجد ألمانيا نفسها في مواجهة اختبارات حاسمة. فالانتخابات المبكرة المقررة في فبراير، إلى جانب ارتفاع البطالة وأزمة قطاع السيارات، قد تبدو كعقبات كبيرة أمام الشركات الألمانية.
ومع ذلك، تشير التوقعات إلى آفاق مشرقة للنمو الاقتصادي، مدعومة بأداء قوي متوقع للشركات المدرجة في مؤشر “داكس”.
بحسب بيانات صادرة عن “بلومبرغ إنتليجنس”، يُنتظر أن تحقق الشركات المدرجة في مؤشر “داكس” نموًا في ربحية السهم بأكثر من 10% خلال عام 2025، وهو أعلى معدل بين المؤشرات الأوروبية الرئيسية.
و يتفوق هذا الأداء على متوسط النمو المتوقع لمؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 7.1%، وكذلك على مؤشر “كاك 40” الفرنسي الذي يُتوقع نموه بنسبة 8.8%.
هذا التفاؤل يستند بشكل كبير إلى توقعات التعافي في قطاعات رئيسية، خاصة صناعة السيارات التي تُعد العمود الفقري للاقتصاد الألماني. شركات مثل “بي إم دبليو”، “مرسيدس بنز”، و”فولكس واجن” قد تسهم بشكل كبير في دفع هذا النمو، رغم التحديات التي تواجه القطاع.
يبقى تعافي قطاع السيارات أمرًا حاسمًا لتحقيق هذه التوقعات الإيجابية. ومع ذلك، يشير خبراء “بلومبرغ إنتليجنس” إلى أن هذا التعافي قد لا يظهر بشكل ملموس إلا في النصف الثاني من العام المقبل.
كما أن القطاع يواجه عدة مخاطر، من بينها الانكشاف الكبير على السوق الصينية، والتداعيات المحتملة للانتخابات المحلية، فضلًا عن احتمالية فرض تعريفات جمركية جديدة من قبل الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
يُتوقع أيضًا أن تلجأ بعض شركات السيارات إلى إعادة ضبط ميزانياتها خلال عام 2024، مما قد يجعل النتائج المالية لعام 2025 تبدو أكثر قوة مقارنة بعام سابق مليء بالتحديات.
ورغم التفاؤل بأداء الشركات، يواجه الاقتصاد الألماني مخاطر مستمرة للركود. وفقًا لتقديرات البنك المركزي الألماني، من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا ضعيفًا بالكاد يذكر في عام 2025، بعد انكماش ملحوظ في العام الماضي.
و يظل تحفيز الاقتصاد مرتبطًا بوضوح القيادة السياسية وتبني سياسات توسعية تُعزز الإنفاق العام.
من جانبها، أشارت صوفي واريك، المحللة لدى “جيه بي مورغان”، إلى أن الانتخابات القادمة قد تفتح المجال لتخفيف قواعد الاقتراض المالي في ألمانيا، ما قد يدعم الاقتصاد المتباطئ.
مع اقتراب موعد الانتخابات في 23 فبراير، يحتدم التنافس السياسي، خاصة مع تراجع شعبية الحزب الديمقراطي الاجتماعي بقيادة المستشار أولاف شولتس.
و تُظهر استطلاعات الرأي تفوق التحالف المحافظ للحزب الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي بنسبة 33% من دعم الناخبين، بينما يأتي حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في المركز الثاني بنسبة 18%.
يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة الجديدة من تقديم رؤية واضحة لإنعاش الاقتصاد؟ المحللون في “باركليز” يرون أن سياسات مالية مواتية للنمو قد تكون المفتاح لتغيير المشهد الاقتصادي في ألمانيا.
التفاؤل بشأن تعافي القطاعات المتعثرة في ألمانيا يعكس توقعات مماثلة للأسواق الأوروبية الأوسع. بينما يتوقع مؤشر “يورو ستوكس 50” نموًا في الأرباح بنسبة 7.5% في عام 2025، يبقى هذا النمو مشروطًا بتعافي قطاعات مثل الطاقة والتكنولوجيا والسلع الاستهلاكية.
ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن الأسهم الأوروبية قد تستمر في مواجهة تحديات من حيث الأداء المطلق أو النسبي مقارنة بالولايات المتحدة، على الرغم من التقييمات المنخفضة التي قد تفتح الباب أمام فرص انتعاش بمجرد استيعاب المخاطر الحالية.
في النهاية، يبقى الاقتصاد الألماني في مرحلة مفصلية. وبينما تحمل التوقعات للشركات المدرجة في مؤشر “داكس” آمالًا كبيرة، فإن التعافي الأوسع للاقتصاد سيعتمد على مجموعة من العوامل، بدءًا من استقرار قطاع السيارات، مرورًا بالسياسات الحكومية، وصولًا إلى الديناميكيات الجيوسياسية العالمية.
هل تتمكن ألمانيا من تجاوز هذه التحديات وإعادة عجلة النمو إلى مسارها الصحيح؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.