ارتفاع حالات التخلف عن السداد يهدد سوق الديون غير القياسية في الصين
شهدت السوق المحلية للديون في الصين زيادة ملحوظة في حالات التخلف عن السداد، حيث وصلت إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى إحباط المستثمرين الذين كانوا يعتقدون أن هذه الأوراق المالية مدعومة بشكل ضمني من الحكومة.
في العام الماضي، ومع تفاقم مشكلة الديون المعدومة الصادرة عن أذرع التمويل التابعة للحكومات المحلية، اتخذت الحكومة المركزية إجراءات جذرية.
إذ سمحت لهذه الحكومات بجمع نحو 2.2 تريليون يوان (309 مليارات دولار أمريكي) من خلال إصدار سندات جديدة لتلبية التزاماتها، وأمرت بنوك الدولة بتقديم دعم إضافي لإعادة التمويل.
نتيجة لهذه التدابير، انخفضت تكاليف الاقتراض بشكل كبير، مما أعاد جذب المستثمرين إلى السوق من جديد.
ولكن قطاعاً معيناً من هذه الديون لم يشهد أي تحسن، وهو ما يعرف بالمنتجات المالية غير القياسية، التي تمثل استثمارات ثابتة غير مدرجة للتداول العام.
لا توجد إحصاءات رسمية توضح حجم هذا القطاع، لكن التقديرات تشير إلى أنه يبلغ حوالي 800 مليار دولار.
وفي الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، تعذر سداد الالتزامات عن 60 منتجاً من هذه المنتجات المالية المرتبطة بالأذرع التمويلية للحكومات المحلية، مع زيادة بنسبة 20% عن نفس الفترة من العام السابق، وفقاً لشركة “فايننشيال تشاينا إنفورميشن آند تكنولوجي”.
تسبب التخلف عن السداد في خسائر كبيرة للعديد من المستثمرين الأفراد. على سبيل المثال، فقدت لولو فانغ، مالكة شركة تجارية صغيرة، 15 مليون يوان من مدخراتها بسبب استثمارها في منتجات مالية مرتبطة بمقاطعة قويتشو، حيث كانت تأمل في عوائد ثابتة تصل إلى 8%. وعندما تعثرت هذه المنتجات، فقدت استثماراتها بالكامل.
في ظل الضغط المتزايد بسبب عجزها عن سداد أقساط الرهن العقاري، انضمت إلى مجموعة من المستثمرين الذين يترددون على الصناديق الائتمانية والمكاتب الحكومية للمطالبة بسداد مستحقاتهم. تعبر فانغ عن إحباطها قائلة:
“لقد حولت حياتي إلى فوضى. لقد وضعت كل مدخراتي في هذه المنتجات التي قالوا إنها آمنة”.
و تعتبر المنتجات المالية غير القياسية أكثر خطورة، حيث لا تُعلن الجهات المصدرة عن المبالغ الإجمالية.
وفي حالات كثيرة، لم تفصح أي من الجهات المصدرة عن البيانات المالية، مما يزيد من غموض هذا القطاع.
يتناقض وضع هذه المنتجات مع السندات المطروحة للتداول العام، حيث لم تتعرض تلك الأخيرة لأي حالات تخلف عن السداد. وبسبب الطبيعة الخاصة للمنتجات المالية غير القياسية، لا تشعر السلطات المحلية بالضغط لتقديم الدعم اللازم.
رغم التحديات، هناك بعض الأمل في أن تسمح الحكومة المركزية بإصدار سندات جديدة تصل قيمتها إلى 6 تريليونات يوان بحلول عام 2027 لإعادة تمويل الديون المتعثرة. إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فقد تُوسع أذرع تمويل الحكومات المحلية دعمها للمنتجات المالية غير القياسية، لكن لا يزال هناك قلق بشأن حجم الدعم الفعلي وكيفية تخصيصه.
تجربتان لمستثمرين تكشفان عن مشهد مؤلم، حيث عانى العديد مثل جيسون لاي، الذي استثمر في منتجات مالية غير قياسية، من صعوبة في استرداد أموالهم. وبحسب لاي، لم يتمكن من استرداد سوى 10% من استثماره، مما يجعله متردداً في العودة للاستثمار في هذه الأنواع من المنتجات.
في الختام، تظل الأوضاع المالية صعبة بالنسبة للمستثمرين في الصين، مع ضرورة اتخاذ خطوات جادة للتعامل مع هذا الوضع المتدهور قبل تفاقمه أكثر.