الاقتصادية

هجوم سيبراني يشل جاكوار لاند روفر ويهدد صناعة السيارات البريطانية

في عصر ترتبط فيه التكنولوجيا ارتباطًا وثيقًا بالإنتاج الصناعي، أصبحت ضغطة زر واحدة كفيلة بإيقاف مصانع بأكملها وتهديد آلاف الوظائف.

آخر مثال صارخ على ذلك كان هجومًا إلكترونيًا استهدف شركة “جاكوار لاند روفر” البريطانية، ليضعها في قلب أزمة صناعية وسيبرانية غير مسبوقة.

في 31 أغسطس الماضي، اكتشفت “جاكوار لاند روفر” اختراقًا ضخمًا لأنظمتها الرقمية، نُسب إلى مجموعة القرصنة المعروفة باسم “Scattered Lapsus$ Hunters”، التي أعلنت مسؤوليتها عن نشر بيانات داخلية حساسة للشركة عبر تطبيق “تليجرام”.

هذا الهجوم أجبر الشركة على إغلاق مصانعها ومواقعها التشغيلية عالميًا، ما أدى إلى اضطراب شامل في سلسلة التوريد.

رغم امتلاك الشركة لبنية رقمية متطورة تضم آلاف الحواسيب والأنظمة الإنتاجية حول العالم، إلا أن الهجوم كشف عن ثغرات جوهرية.

ويعود جزء كبير من ذلك إلى اعتماد الشركة على بنية قديمة من نموذج “فورد”، المالك السابق، منذ استحواذ “تاتا موتورز” الهندية على الشركة عام 2008، ما أدى إلى وجود شبكة معقدة من الأنظمة تحمل نقاط ضعف متعددة.

قدر محللو صناعة السيارات، بمن فيهم تشارلز تينانت، كبير المهندسين السابق في “لاند روفر”، أن توقف الإنتاج كلف الشركة نحو 5 ملايين جنيه إسترليني يوميًا، ما يعادل أكثر من 30 ألف سيارة لم تُصنع خلال فترة التوقف.

الأزمة لم تقتصر على الشركة نفسها، بل امتدت لتشمل آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة ضمن سلاسل التوريد، حيث أظهر مسح لغرفة تجارة منطقة “بلاك كانتري” أن 77% من الموردين تضرروا مباشرة، واضطرت بعض الشركات إلى تسريح موظفين أو اللجوء لقروض طارئة بفوائد مرتفعة لتغطية نفقاتها التشغيلية.

Jaguar Land Rover hit by cyber attack, losing £5-7m daily | Marcus D.  posted on the topic | LinkedIn

استجابت الحكومة البريطانية للأزمة بضمان قرض طارئ بقيمة 1.5 مليار جنيه إسترليني (ملياري دولار) لدعم الشركة ومورديها، في خطوة وصفها خبراء بالضرورية لكنها محفوفة بالمخاطر، نظرًا لاحتمالية اعتماد الشركات على الدعم بدل الاستثمار في تعزيز الأمن السيبراني.

بعد أكثر من خمسة أسابيع من التوقف، أعلنت “جاكوار لاند روفر” عن استئناف الإنتاج تدريجيًا في مصانعها بالمملكة المتحدة، مع إطلاق برنامج تمويلي جديد لدفع مستحقات الموردين قبل موعدها بـ120 يومًا، بهدف تخفيف الضغط المالي وضمان استقرار سلسلة التوريد.

انعكست الأزمة على نتائج الشركة، إذ تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 17% على أساس سنوي لتصل إلى 85.49 ألف سيارة خلال الربع الثاني من العام المالي 2026، وأرجعت الشركة هذا التراجع إلى الهجوم السيبراني الأخير، إلى جانب تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية وخطة إنهاء إنتاج بعض الطرازات القديمة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى