اقتصاد المغربالأخبار

من منطق الفرصة إلى منطق المشروع.. هل تستعيد الأحزاب ثقة الناخبين بحلول 2026؟

مع اقتراب انتخابات 2026، يبدو أن الناخب المغربي يواجه مرحلة فاصلة في خياراته السياسية، إذ تشير مؤشرات جديدة إلى تحوّل واضح في أسلوب التصويت، من الولاءات الإيديولوجية التقليدية إلى منطق براغماتي يركّز على الفرص وتقييم الأداء الفعلي للفاعلين السياسيين.

وتكشف دراسة استشرافية لمركز المؤشر للدراسات والأبحاث أن الثنائيات السياسية المعتادة—يمين مقابل يسار، محافظ مقابل تقدمي—بدأت تفقد تأثيرها أمام صعود أجيال جديدة، وتنامي دور العوامل الاجتماعية والاقتصادية في تحديد الاختيار الانتخابي، وهو ما ظهر جلياً في نتائج انتخابات 2021 وما تبعها من إعادة ترتيب للخارطة الحزبية.

وتوضح الدراسة أن “التصويت الأداتي” أصبح النمط الغالب، حيث يميل الناخبون إلى اتخاذ قرارهم بناءً على حصيلة ملموسة أو وعود قابلة للقياس، بدلاً من الانتماء لمشروع فكري شامل.

ويُعزى هذا التحوّل إلى توسّع الطبقة الوسطى، وارتفاع مستويات التعليم، وانتشار الإعلام الرقمي، بالإضافة إلى تراجع النفوذ الرمزي للأحزاب التقليدية، ما جعل القرار التصويتي أكثر انتقائية وأقل ارتباطاً بالولاءات الثابتة.

كما أشارت الدراسة إلى تصاعد نسبة “العائمين انتخابياً” الذين يحددون موقفهم في الأيام الأخيرة من الحملة، حيث تقدر نسبتهم بنحو 45% من الناخبين، ما يزيد من تذبذب السلوك الانتخابي ويجعل الحملات أكثر تحدياً.

ويؤكد التقرير أن منسوب الثقة في الأحزاب السياسية لا يتجاوز 13%، ما يعزز الاتجاه نحو التصويت العقابي أكثر من دعم برامج محددة.

وفي سياق تأثيرات العصر الرقمي، رصدت الدراسة الدور المتزايد لمنصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب في تشكيل المواقف السياسية، خصوصاً بين الشباب، في وقت تراجع فيه تأثير المهرجانات الخطابية واللقاءات المباشرة.

ومن هنا دعت الدراسة الأحزاب إلى تطوير استراتيجيات تواصل جديدة تتوافق مع هذا الواقع المتغير.

كما أبرزت الدراسة بروز وجوه سياسية جديدة خارج الهياكل التقليدية للأحزاب، تعتمد على رصيد اجتماعي أو مهني، ما يطرح تحديات في التأطير وضمان انسجام البرامج داخل المؤسسات المنتخبة.

وأوضحت أن جزءاً من الشباب يرى أن التصويت لا يغيّر الواقع، وهو مؤشر على أزمة ثقة أعمق في العملية الديمقراطية.

واختتمت الدراسة بتوصيف انتخابات 2026 بأنها “اختبار ثقة” أكثر من كونها مجرد سباق على المقاعد، مؤكدة أن التحدي الأساسي يكمن في إعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والمؤسسات واستعادة المصداقية عبر برامج قابلة للتحقيق ونتائج ملموسة، لتحويل “منطق الفرصة” الحالي إلى “منطق مشروع” ثابت ومستدام.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى