من الرؤية إلى الأرباح: كيف شكّل ستيف جوبز وتيم كوك مسار نجاح آبل الجديد

في سجلات تاريخ الشركات الحديث، لا يوجد تحول في القيادة أكثر أهمية وإثارة للجدل من ذلك الذي شهدته شركة آبل بعد وفاة مؤسسها الأسطوري، ستيف جوبز.
لقد كان جوبز المهندس المعماري الذي وضع حجر الأساس، رجل الرؤى الذي اعتمد على الحدس الجريء لتشكيل منتجات غيرت العالم، متجاهلاً غالباً دراسات السوق التقليدية.
أما خلفه، تيم كوك، فقد أثبت أنه الاستراتيجي الذي حول “آبل” من شركة تبلغ قيمتها السوقية أقل من 400 مليار دولار إلى أول كيان في التاريخ يتجاوز حاجز الـثلاثة تريليونات دولار.
يكمن جوهر القصة في التباين الجذري بين أسلوبي القائدين:
عندما تولى كوك زمام القيادة في عام 2011، لم يحاول محاكاة سلفه الفذ. بدلاً من السعي وراء “القفزة الثورية” التالية، أعلن كوك عن نموذج نجاح جديد.
لقد أعادت “آبل” تعريف النجاح بالتحول من “الإلهام الفردي” لجوبز إلى “الكفاءة المؤسسية” التي يركز عليها كوك، مستخدماً خلفيته القوية في إدارة سلاسل التوريد والعمليات التشغيلية المنهجية التي اكتسبها كمدير للعمليات طوال 13 عاماً.
رحلة شركة “آبل“ خلال 28 عامًا |
||||
البيان |
|
ستيف جوبز (1997 – 2011) |
|
تيم كوك (2011 – 2025) |
القيمة السوقية في البداية (مليار دولار)
|
|
2.5 |
|
347 |
التغير في القيمة السوقية خلال 14 عامًا (مليار دولار)
|
|
344.5 |
|
3103 |
نسبة النمو خلال الفترة
|
|
13900% |
|
%966 |
أبرز المنتجات |
|
“آي ماك” – “آي بود” – “آيفون” – “ماك بوك آير” – “آب ستور” – “آيباد” – “آي كلاود”
|
|
“ماك برو” – “آبل ووتش” – “آبل باي” –“إيربودز” – شريحة “إم 1” – “آير تاج” – “آبل فيجن برو“ |
- فلسفة جوبز: كانت ترى أن الربح نتيجة للرؤية وليست هدفاً بذاته. كان المنتج الثوري هو المحك الأوحد.
- فلسفة كوك: ترى أن الرؤية تبررها الأرباح والاستقرار. أصبح التقدم التدريجي والتحليل المنهجي أكثر أهمية من المغامرات السريعة.
لعل أبرز بصمات كوك الاستراتيجية تتمثل في دفع الشركة نحو مفهوم “التكامل الرأسي” المتشدد. منذ عام 2020، بدأت “آبل” في تصميم كل شرائحها الداخلية بنفسها، من سلسلة “A” للهواتف إلى سلسلة “M” لأجهزة “ماك”، منهية بذلك علاقة دامت 15 عاماً مع “إنتل”.
هذا القرار منحها السيطرة الكاملة على الأداء، التكلفة، وسرعة الابتكار، مؤكداً دمج الشركة بين الهندسة الدقيقة والإدارة اللوجستية المحترفة التي يجيدها كوك.
في عام 2022، توّجت استراتيجية كوك بتحقيق إنجاز غير مسبوق: تجاوز القيمة السوقية للشركة حاجز 3 تريليونات دولار.
منتجات وخدمات آبل في عهد ستيف جوبز |
|
الفئة |
أبرز المنتجات |
أجهزة ماك |
آي ماك جي 3، ماك بوك برو، ماك بوك إير |
نظام التشغيل |
ماك أو إس إكس |
الصوت |
آيبود، آي تيونز ستور |
الجوالات الذكية |
أيفون |
الأجهزة اللوحية |
أيباد |
المنصات |
آب ستور |
الخدمات السحابية |
آي كلاود |
منتجات وخدمات آبل في عهد تيم كوك |
|
الفئة |
أبرز المنتجات |
الخدمات |
آبل باي، آبل ميوزك، آبل تي في بلس، آبل آركيد، آبل كارد |
الشرائح الإلكترونية |
إم 1، إم 2، إم 3، إم 4 |
الأجهزة القابلة للارتداء |
آبل ووتش، آبل ووتش ألترا |
الصوتيات |
إير بودز، هوم بود |
أجهزة ماك |
ماك برو |
الحوسبة المكانية |
آبل فيجن برو |
الإكسسوارات |
إير تاج |
لم يكن هذا تتويجاً لمنتج واحد، بل شهادة على متانة النموذج المالي الذي شيده كوك عبر تنويع الإيرادات. لقد تحولت “آبل” من مجرد شركة منتجات إلى منظومة اقتصادية متكاملة تعتمد على الخدمات وتكرار الاستخدام أكثر من اعتمادها على إطلاق الابتكارات المذهلة باستمرار.
مع اقتراب كوك (64 عاماً) ومعظم كبار تنفيذيي الشركة من سن التقاعد خلال السنوات الخمس المقبلة، تستعد “آبل” لمرحلة انتقالية حاسمة بحلول عام 2030.
الخليفة المحتمل، مثل جون تيرنوس (رئيس قسم الأجهزة)، سيواجه اختباراً وجودياً: كيف يمكن لـ”آبل” أن تحافظ على هويتها الجريئة (إرث جوبز) بينما تتبنى نموذج الانضباط والربحية (نموذج كوك)؟ إن الحفاظ على هذا التوازن الدقيق بين الهوية والتجديد هو المحك الحقيقي لنجاح الجيل القادم من قادة “آبل”.