اقتصاد المغربالأخبار

من الدولة إلى القطاع الخاص..المغرب يطلق مرحلة جديدة للاستثمار والتنمية بحلول 2026

في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي والمنافسة الشرسة على استقطاب الاستثمارات، قرر المغرب كسر القالب التقليدي الذي لطالما اعتمد على الدولة كممول أول، ليفتح صفحة جديدة تحت شعار “الاستثمار كمحرك رئيسي للتنمية”.

لم تعد المسألة مجرد أرقام وإنفاق عام، بل تحوّلت إلى تغيير عميق في الرؤية والمنهج، يهدف إلى توجيه رأس المال نحو القطاعات التي تُحدث فارقًا حقيقيًا في خلق فرص الشغل، وتحقيق قيمة مضافة، وتعزيز السيادة الإنتاجية.

يعكس هذا التغيير، وفقًا لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، دخول المغرب مرحلة جديدة من الثقة والتكامل بين الدولة والشركات، حيث يهدف ميثاق الاستثمار الجديد إلى تعبئة استثمارات إجمالية تصل إلى 550 مليار درهم بحلول عام 2026.

وللمرة الأولى، سيأتي الجزء الأكبر من هذا المبلغ، أي 350 مليار درهم، من القطاع الخاص، في حين سيُساهم الاستثمار العام بـ 200 مليار درهم، ما يمثل تحولًا جوهريًا عن المعادلة التقليدية.

ويرتكز الميثاق على تحفيز المشاريع ذات القيمة المضافة العالية والأثر الإيجابي على الصعيدين الجهوي والترابي، من خلال منظومة متكاملة من الحوافز المالية والجبائية التي قد تصل إلى 30% من الكلفة الإجمالية للمشروع في بعض الحالات.

كما يعمل الميثاق على توجيه الاستثمار العمومي نحو البنية التحتية والخدمات الأساسية، بدلًا من منافسة القطاع الخاص في الأنشطة الإنتاجية.

ومن أبرز آليات هذا التوجه الجديد ما يعرف بـ”بنك المشاريع”، وهو منصة وطنية تضم حوالي 300 مشروع صناعي واستثماري جاهز للتمويل، مما يوفر للمستثمرين فرصًا واضحة ومضمونة، ويحد من عوائق اتخاذ القرار.

ولضمان تنفيذ هذه الرؤية، تم إنشاء لجنة وطنية للاستثمار يرأسها رئيس الحكومة وتضم مختلف القطاعات الوزارية، بهدف تسريع البت في الملفات الكبرى وتجاوز البطء الإداري.

وقد أسفر هذا التوجه بالفعل عن نتائج مشجعة، حيث كشفت وزارة الاستثمار عن تسجيل أكثر من 2500 مشروع جديد في ظرف سنة واحدة على المنصة الرقمية “CRI INVEST”.

وتهدف الدولة من خلال هذه السياسة إلى تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية كبرى بحلول عام 2026، من بينها خلق 500 ألف منصب شغل جديد، وتحسين المؤشرات الصناعية، وتقليص العجز التجاري، وتعزيز الإنتاج المحلي في قطاعات استراتيجية مثل الصناعات الغذائية والأدوية والتكنولوجيات النظيفة.

باختصار، يُمثل هذا التحول نقلة نوعية في دور الدولة، من الممول والمدبر المباشر إلى الشريك والمحفز والمنظم، في إطار شراكة واضحة المعالم مع القطاع الخاص، ما يُعزز من قدرة المغرب على تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومبنية على الكفاءة والابتكار.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى