الاقتصادية

منطقة اليورو على أعتاب ركود فصلي وسط ضغوط تجارية وتحديات تضخمية

تتجه الأنظار هذا الأسبوع إلى البيانات الاقتصادية المرتقبة من منطقة اليورو، والتي يُنتظر أن تكشف عن حالة من الجمود في النمو خلال الربع الثاني من العام، في ظل انحسار الأثر المؤقت لنشاط تجاري ازدهر في مطلع السنة نتيجة المخاوف من فرض رسوم جمركية أمريكية.

وتُظهر التوقعات التي جمعتها وكالة “بلومبرغ” أن الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة المؤلفة من 20 دولة قد يكون سجل نموًا صفريًا في الفترة من أبريل إلى يونيو، بعد نمو بنسبة 0.6% في الربع الأول، مدفوعًا حينها بارتفاع ملحوظ في حركة التبادل التجاري – ولا سيما في إيرلندا – قبل التهديد الأمريكي بفرض رسوم على الواردات العالمية.

وترى سيمونا ديلي تشياي، كبيرة اقتصاديي منطقة اليورو لدى “بلومبرغ إيكونوميكس”، أن انتهاء تأثير هذا الزخم التجاري المؤقت يفتح الباب أمام تباطؤ أوسع، خاصة في ظل تراجع ثقة الأسر والشركات وارتفاع مستويات عدم اليقين، وهو ما يُثقل كاهل الإنفاق والاستثمار.

ويُرجَّح أن تسجل ألمانيا، القوة الاقتصادية الأبرز في المنطقة، انكماشًا بنسبة 0.1%، بينما يُتوقع أن تحافظ إسبانيا على نمو بنحو 0.6%. أما فرنسا وإيطاليا، فتتجهان نحو تحقيق نمو طفيف، ما يعكس تفاوتًا في أداء الاقتصادات الكبرى بالمنطقة.

رغم تفاوت الأداء، فإن مستقبل اقتصاد منطقة اليورو مرهون إلى حد كبير بنتائج المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية.

وتشير تقارير إلى أن الطرفين يقتربان من اتفاق يثبت الرسوم عند 15%، وهي نسبة وصفها كليمنس فويست، رئيس معهد “إيفو” الألماني، بأنها “مستوى يمكن التكيّف معه”.

وفي موقف يعكس الحذر المشوب بالأمل، أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أن هناك إشارات إيجابية مثل ارتفاع الاستهلاك والاستثمار، رغم أن تسارع النمو في بداية العام كان له أثر ملحوظ في تحسين الأرقام. وقد قرر البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الأولى منذ عام، ما يعكس سعيه لتقييم الوضع قبل اتخاذ خطوات جديدة.

من المنتظر أن تُظهر بيانات التضخم التي ستصدر يوم الجمعة تراجعًا طفيفًا في أسعار المستهلك، إذ يُتوقع أن ترتفع بنسبة 1.9% في يوليو، مقارنة بـ2% في يونيو، مما يضعها مباشرة تحت المستوى المستهدف من البنك المركزي. أما التضخم الأساسي، فيُتوقع أن يبقى ثابتًا عند 2.3%.

ومع أن البنك المركزي الأوروبي يراهن على استقرار التضخم حول 2% على المدى المتوسط، فإن ارتفاع قيمة اليورو قد يُقوّض هذا الهدف من خلال خفض أسعار الواردات والإضرار بتنافسية الصادرات الأوروبية.

كما أن أي اتفاق تجاري غير ملائم مع واشنطن قد يضيف مزيدًا من الضغوط على الأسعار، ما يستدعي مراقبة دقيقة للتداعيات، خصوصًا على سلاسل الإمداد والتحولات في طرق التجارة.

وفي تصريحات لصحيفة “ديلو” السلوفينية، أشار بييرو سيبولوني، عضو المجلس التنفيذي في البنك المركزي الأوروبي، إلى أن البيانات الحالية تحمل مؤشرات متباينة، مؤكدًا أن اجتماع شتنبر سيكون حاسمًا لإعادة تقييم التوقعات الاقتصادية في ضوء المستجدات التجارية والتضخمية.

وأضاف سيبولوني أن التغيّرات الأخيرة بدأت تؤثر في سلاسل التوريد، مشيرًا إلى زيادة ملحوظة في واردات منطقة اليورو من الصين كواحدة من نتائج إعادة تشكيل المسارات التجارية العالمية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى