مايكروسوفت…عملاق الاستحواذات الذي صنع المستقبل الرقمي

منذ تأسيسها، لم تكن “مايكروسوفت” مجرد شركة برمجيات، بل كانت لاعبًا استراتيجيًا ينسج عبر سنوات طويلة شبكة من الاستحواذات التي شكلت معالم عالم التكنولوجيا الحديث.
عبر أكثر من ثلاثة عقود، استحوذت العملاقة الأمريكية على 277 شركة في مجالات متنوعة شملت البرمجيات، الأجهزة، الاتصالات، والألعاب، لتبني منظومة رقمية متكاملة تعكس طموحاتها في قيادة المستقبل.
في عام 1988، أضافت مايكروسوفت نقطة تحول في مسيرتها مع استحواذها على شركة “فورثوت” التي طورت برنامج “باوربوينت”، حيث أدخلته ضمن حزمة “أوفيس”، ما وضعها على خارطة وادي السيليكون كقوة مؤثرة في مجال الإنتاجية المكتبية.
بعد تسع سنوات، جاءت خطوة الاستحواذ على “هوتميل” مقابل نصف مليار دولار لتوسيع حضورها في فضاء الإنترنت الناشئ، ما مهد الطريق لتطوير خدمات البريد الإلكتروني مثل “أوت لوك”.
مع مطلع الألفية الجديدة، بدأت مايكروسوفت توجيه أنظارها نحو قطاع برمجيات الأعمال، حيث ضمت إلى جعبتها شركتي “ڤيزيو” و”جريت بلينز”، ممهدة بذلك الطريق لإنشاء سلسلة برمجيات “مايكروسوفت داينمكس” التي تلعب دورًا محوريًا في عالم الشركات اليوم.
لم تكن جميع الصفقات ناجحة، ففي 2007 استحوذت الشركة على “إيه كوانتِف” بـ6.3 مليار دولار في محاولة لمنافسة “جوجل” في سوق الإعلانات الرقمية، لكنها تكبدت خسائر فادحة أدت إلى شطب كامل قيمة الصفقة.
وأيضًا، دفعت مايكروسوفت ثمنًا باهظًا في قطاع الهواتف المحمولة بعد استحواذها على قسم الهواتف في “نوكيا” عام 2014، إذ أعلنت في 2015 شطب خسائر تفوق مبلغ الاستحواذ الأصلي.
لم تغفل مايكروسوفت أهمية البحث المؤسسي، فاستحوذت في 2008 على “فاست سيرش أند ترانسفر” لتعزيز أنظمة البحث الذكية داخل المؤسسات.
كما أكملت صفقة ضخمة في 2011 بشرائها “سكايب” بـ8.5 مليار دولار، ما وفر لها منصة اتصالات صوتية ومرئية متقدمة أصبحت لاحقًا أساسًا لتطوير “مايكروسوفت تيمز”.
أبرز عمليات الاستحواذ التي قامت بها مايكروسوفت منذ الثمانينيات |
|||
العام |
اسم الشركة |
قيمة الصفقة (مليار دولار) |
مجال الأعمال |
1988 |
فورثوت |
0.014 |
العروض التقديمية |
1997 |
هوتمايل |
0.5 |
البريد الإلكتروني |
2000 |
فيزيو |
1.375 |
برمجيات الأعمال |
2011 |
سكايب |
8.5 |
الاتصالات |
2014 |
نوكيا – قطاع الأجهزة |
7.2 |
الجوالات المحمولة |
2014 |
موجانج |
2.5 |
الألعاب |
2016 |
لينكدإن |
26.2 |
الشبكات المهنية |
2018 |
جيت هاب |
7.5 |
البرمجة |
2021 |
نوانس |
19.7 |
الذكاء الاصطناعي الصحي |
2022–2023 |
أكتيفيجن بليزارد |
68.7 |
الألعاب |
دخلت مايكروسوفت بقوة إلى قطاع الألعاب الرقمية عام 2014 مع شراء “موجانج”، مطورة “ماين كرافت”، لتؤكد حضورها في عالم الترفيه الرقمي.
واستمر هذا التوجه في السنوات الأخيرة مع استحواذها على منصة “جيت هب” عام 2018، الأكبر للمطورين، ثم صفقة ضخمة في 2022-2023 عبر شراء “أكتيفيجن بليزارد” مقابل 68.7 مليار دولار، إحدى أكبر الصفقات في تاريخ صناعة الألعاب، لتعزز بذلك مكانتها كقوة لا يستهان بها في القطاع.
كان عام 2021 محوريًا، إذ استحوذت مايكروسوفت على شركة “نُوانس كوميونيكيشنز” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي الصوتي مقابل 19.7 مليار دولار، لتعزز مكانتها في تقنيات التعرف على الكلام والتطبيقات الطبية، مؤشرة نحو مستقبل رقمي مدعوم بالذكاء الاصطناعي.
في نهاية المطاف، تجسد سلسلة استحواذات مايكروسوفت مسيرة مليئة بالتحديات والانتصارات، حيث رسمت عبرها خارطة طريق لمستقبل رقمي متكامل بين البرمجيات، الأجهزة، الذكاء الاصطناعي، والألعاب، محتفظة بمكانتها كواحدة من أكثر الشركات تأثيرًا في عالم التكنولوجيا.