الاقتصادية

ليانغتشو…من التراث التاريخي إلى عاصمة الذكاء الاصطناعي في الصين

من أحياء أثرية عريقة إلى مركز عالمي للابتكار التكنولوجي، تحولت ليانغتشو في مدينة هانغتشو، عاصمة التكنولوجيا في مقاطعة تشيجيانغ، إلى مركز حيوي للذكاء الاصطناعي في الصين.

هذه الضاحية التي كانت تُعرف بالمواقع الأثرية التي تعود إلى 3300 قبل الميلاد، تحتضن اليوم مئات الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، ما جعلها نقطة جذب للمستثمرين ورواد الأعمال من مختلف أنحاء العالم.

قبل ستة أشهر، أحدثت شركة ديب سيك (DeepSeek) ضجة واسعة بإطلاق نموذج مفتوح المصدر عالي الأداء، تم تدريبه بتكلفة أقل بكثير من النماذج الغربية.

المؤسس، خريج جامعة تشيجيانغ القريبة، وضع ليانغتشو في قلب منظومة متكاملة تهدف إلى منافسة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

النتائج الأولية مبشرة؛ فقد أعلنت ثلاث مختبرات صينية الشهر الماضي عن نماذج لغوية كبيرة يُعتقد أنها من بين الأفضل عالمياً.

واعتبر أحد المستثمرين الأوائل هذه الإنجازات “اختراقاً للعتبة الحرجة للفائدة العملية”، متوقعاً طفرة هائلة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي العملية.

يجسد سام هو هذا الطموح، بعد أن ترك مسيرة ناجحة في “تينسنت” وشركتين لخدمات النقل ليؤسس وكيل ذكاء اصطناعي يساعد المديرين على اتخاذ القرارات.

ويؤكد هو أن تكلفة التجربة والخطأ أقل من أي وقت مضى، مما يجعل اللحظة مثالية لإطلاق مشاريع جديدة.

تشير التقديرات إلى نمو قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين من 3.2 مليار دولار عام 2024 إلى 140 مليار دولار بحلول 2030، ويصل الرقم إلى 1.4 تريليون دولار عند احتساب القطاعات المرتبطة كالبنية التحتية وموردي المكونات.

كما أظهر استطلاع لشركة “جارتنر” أن نسبة الشركات الكبرى التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي قفزت من 8% إلى 43% خلال أقل من عام.

تبنت الصين مقاربة استراتيجية جديدة، تنتقل من سباق تطوير النماذج إلى التركيز على التطبيقات العملية في الصناعة والخدمات والمجتمع، إذ يرى الخبراء أن التفوق الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال التبني الواسع والتكيف مع التكنولوجيا ونشرها على نطاق واسع.

تلعب الدولة دوراً محورياً ليس فقط في تطوير التكنولوجيا، بل في خلق الطلب ودعم الاستخدام العملي للمنتجات. فقد ساهم الدعم الحكومي الفوري، مثل منح شركة “روكيد” 3 ملايين يوان في ثماني دقائق، في تسريع الابتكار، كما تعتمد المؤسسات الحكومية، من متاحف إلى شركات طاقة، تقنيات الذكاء الاصطناعي عملياً، ما يعزز انتشارها واعتمادها.

رغم الزخم الكبير، يواجه القطاع بعض المخاطر؛ فالحماس المفرط تجاه الروبوتات البشرية قد يشير إلى فقاعة محتملة، والاعتماد السريع على الذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة. وأشار الرئيس شي جين بينغ إلى ضرورة اختيار المجالات الأكثر جدوى لكل مقاطعة لتجنب الاستثمار غير المستدام.

مع الدعم الحكومي المتواصل، والبيئة الاستثمارية المزدهرة، والمواهب المحلية المتحمسة، يبدو أن ليانغتشو ستستمر في قيادة الثورة الصينية للذكاء الاصطناعي، لتصبح بحق قلب الابتكار التكنولوجي في البلاد ومستقبله المزدهر.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى