لفتيت يشدد الرقابة على ميزانيات الجماعات ويحذر من الإسراف في النفقات

في خطوة وُصفت بالمفصلية نحو تعزيز الحوكمة المالية على المستوى المحلي، أصدر وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، دورية بالغة الأهمية إلى ولاة وعمال المملكة، يدعو فيها إلى تبني “مقاربة جديدة” كلياً في إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية لعام 2026.
وتتركز هذه المقاربة على مبدأي الترشيد والصدقية، بهدف تحويل الميزانية من مجرد أداة للتسيير إلى محرك فعال لبرمجة المشاريع التنموية ذات الأولوية.
ووفقاً للمذكرة ، فإن الهدف هو ضمان تدبير مالي “عقلاني وناجع” يصب في تحقيق التنمية المستدامة بمختلف الأقاليم والعمالات.
تتزامن التوجيهات الجديدة مع دخول القانون رقم 14.25 حيز التنفيذ، وهو تطور تشريعي جوهري ينظم جبايات الجماعات الترابية ويؤسس لحوكمة جبائية جديدة تنسجم مع الإطار العام للإصلاح الجبائي الوطني.
ويفرض القانون قواعد جديدة لتحصيل الرسوم، خصوصاً الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية. ويشدد لفتيت على ضرورة الإسراع في إعداد القرارات المحلية لتحديد المناطق الخاضعة لهذا الرسم، مؤكداً على وجوب رفعها للمصادقة قبل 30 أكتوبر 2025.
كما دعت المذكرة المجالس الجماعية لعقد دورات استثنائية في نونبر لتحديد أسعار الرسم وفق المعايير الميدانية والقانونية، لتدخل هذه الأسعار حيز التطبيق في يناير 2026.
لم تقتصر دعوة الوزير على المداخيل، بل شملت ترشيد شامل لنفقات التسيير والتجهيز. ودعا لفتيت إلى تجاوز كل “مظاهر التبذير وسوء البرمجة” من خلال وضع تقديرات واقعية للمداخيل، مقابل تقليص نفقات التسيير.
وشدد الوزير على ضرورة حصر مقترحات النفقات في الاحتياجات الضرورية، مثل نفقات النقل والوقود والصيانة، مع التقليص من نفقات الاستقبال والإطعام وتنظيم الحفلات والمؤتمرات.
وفي سياق الحوكمة، طالبت وزارة الداخلية بالالتزام بالشفافية في تدبير العمليات المالية عبر الحسابات الخصوصية، ونشر القوائم المالية، إضافة إلى تفعيل الميزانيات التي تراعي النوع الاجتماعي والمشاركة المواطنة، لتعزيز انخراط المواطنين في صنع القرار المحلي.
وجه لفتيت الولاة والعمال بضرورة دراسة ومراقبة ميزانيات الجماعات الترابية بصرامة خلال مرحلة التأشير، لضمان التحكم في توازنها على أساس مبدأ الصدقية.
وفيما يخص الالتزامات المالية، أكدت المذكرة على:
- الأولوية للنفقات الإجبارية والاعتمادات المتعلقة بالأحكام القضائية التي استوفت كل طرق الطعن.
- ضبط المتأخرات المتعلقة بالنفقات الأخرى الضرورية وتصفيتها لتجنب أي تراكم يعيق السير العادي للمرفق العام.
- تسجيل متأخرات تفويت الأراضي السلالية للجماعات واعتبارها نفقة إجبارية.
وسجلت المذكرة “تأخراً ملحوظاً” في وتيرة تسوية الوضعية القانونية والمالية لبعض ملفات اقتناء العقارات، داعية إلى استكمال الإجراءات وإبرام عقود البيع وأداء المقابل المالي لهذه العمليات، لضمان حقوق الجماعات السلالية من جهة، وتحسين التدبير المالي للممتلكات الجماعية من جهة أخرى.
وتأتي هذه الدورية لترسخ أن الميزانية هي “الأداة الوحيدة” للجماعة الترابية لتنزيل المشاريع والبرامج التنموية، وتؤكد على أن المرحلة المقبلة تتطلب استخداماً أمثل للموارد البشرية والموارد المالية المتاحة لتقديم الخدمات للمواطنين في أفضل الظروف.